الوضع الاقتصادي الدائم بين دولتين: المبادئ والمواقف الفلسطينية - المجلد الثاني

الكاتب: معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني (ماس)
السنة: 2025

المسار الاقتصادي للاستقلال والسلام

هذه الدراسة هي واحدة من أربع دراسات يصدرها معهد "ماس" دفعة واحدة، تتناول التداعيات الاقتصادية الإستراتيجية للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وعلى فلسطين بأكملها، على مشروع الدولة الفلسطينية. تمت صياغة إطار مفاهيمي لهذه السلسلة في المرحلة الأولى من العدوان الإسرائيلي بالتشاور الوثيق مع دائرة الشؤون الاقتصادية في منظمة التحرير الفلسطينية، كونها تشكل مجموعة ضرورية من أبحاث السياسات الاقتصادية الأصيلة والمعمقة الرامية للتحضير لمواجهة تحديات ما بعد الحرب ودراسة شكل العلاقات الاقتصادية بين دولتي فلسطين وإسرائيل . وقد تمكن المعهد بفضل منحة من الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي من تنفيذ هذه المهمة البحثية على أتم وجه.

بنيت الدراسات الأربع على أساس فرضية انبعاث "مسار لتأسيس الدولة" من بين رماد الحرب على غزة، كما وعد المجتمع الدولي في بداية هذه المسيرة الطويلة، ولا يزال . هذا، بدوره، يفترض وجود شريك إسرائيلي على استعداد للمشاركة في عملية سياسية تمكن الفلسطينيين من تقرير مص يرهم في دولة ذات سيادة، وهو احتمال يبدو اليوم، أي بعد مرور 30 سنة، أبعد ما يكون. ورغم عمل فريق بحثي من خيرة الاقتصاديين الفلسطينيين على إعداد هذه الدراسات خلال العام 2024 ، إلا أن معهد "ماس" الذي يراقب عن  كثب مجريات الأحداث منذ اندلاع حرب الإبادة فضل نشرها في الوقت الأنسب سياسياً لتبين أهميتها لصانع القرار، كما بدت موضوعاتها لمؤلف يها، حتى أثناء محاولتهم استشراف مستقبل مجهول خلال أحلك أوقات الإبادة الجماعية.

في ذات الوقت الذي يتم فيه نشر هذه السلسة، احتدمت حدة هذه الحرب الوحشية الدائرة مند عامين كاملين تفشى خلالهما مجاعات جماعية، وأعمال قتل وتدمير ترقى لمستوى التطهير العرقي، بينما لا تزال الحكومة الإسرائيلية المتطرفة تمتلك زمام الحكم، مفلتة تماما من العقاب في ظل ضعف ردود الفعل الدول ية. مع ذلك، شهد منتصف العام 2025 تطورات سياسية هامة تجعل من قراءة هذه الدراسات أمرا ملحا لكل من كرس عمله لقيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة. تحديدا، تلا إعلان نيويورك في تموز 2025 بشأن حل الدولتين موجة من اعترافات كبرى دول العالم والقوى الكبرى بدولة فلسطين، التي، بخلاف ذلك، ليس بمقدورها وقف حرب إسرائيل. يبدو أن هذه الدول تأمل في أن مثل هذه الاعتراف ات س توطد من ال تضامن العالمي، الشعبي والرسمي، غير المسبوق مع حقوق  الفلسطينيين، وس ترسل رسالة إلى إسرائيل بأن سياساتها وتعنتها له تكلفة سياسية ستعزز توافقاً دولياً جديداً وإطاراً مرجعياً لأي عملية سلام قد تنشأ مستقبلا. 

ترتبط الدراسات الأربع في جوهرها بإطار تسلسلي منطقي مبني على الهدف النهائي المتمثل في إقامة دولة فلسطينية على كامل الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967 ، وليس على جزء منها أو بشكل يخلق مساراً منفصلا لقطاع غزة عن بقية دولة فلسطين حوكمياً
أو اقتصادياً. إن التخطيط لشكل العلاقات الاقتصادية الأمثل مع إسرائيل في وضعها الدائم، يتطلب البدء من "مرحلة تأسيس الدولة" (التي تمتد من سنتين إلى ثلاث سنوات) والتي تعيد الأطراف الشريكة إلى شكل من أشكال العلاقات الاقتصادية الطبيعية (المجلد الأول). قد ينتهي هذا باتفاق اقتصادي لمرحلة الوضع الدائم يضمن الحقوق الاقتصادية السيادية الأساسية للفلسطينيين ويؤسس للعلاقات الاقتصادية المثلى مع إسرائيل، با لاستفادة من التجارب السابقة وخطط "اليوم التالي" الاقتصادية المتعددة منذ العام 1947 (المجلد الثاني). من ثم، ت تقصى الدراسة التالية، في تحقيق شامل، الأسُس والمرتكزات الاقتصادية (النظرية أو التجريبية) والإدارة السياسية للمهمة الضخمة المتمثلة في إعادة توحيد الاقتصاد الوطني الفلسطيني المجزأ (المجلد الثالث)، أما الدراسة الأخيرة، فتدرس المبادئ والآليات والتجارب المقارنة في إعادة الإعمار ما بعد الحرب (المجلد الرابع). 

يفخر معهد ماس بتكليفه بهذه المهمة الجليلة في هذه المرحلة التاريخية الحاسمة من تاريخ فلسطين، والتي سعت للتخطيط لاقتصاد دولة فلسطين بشكل مسبق بحسب رؤية الفلسطينيين لمستقبلهم – فنحن ندرك ما نريد. لذلك، ينبغي لأي مفاوضات مستقبلية حول عمليات تأسيس الدولة وإعمار قطاع غزة المنكوب وحكمه، واستراتيجيات التنمية الاقتصادية التي تعيد لحمة الاقتصاد الوطني، أن تنطلق من هنا.

مرفقات
الوضع الاقتصادي الدائم بين دولتين: المبادئ والمواقف الفلسطينية - المجلد الثاني