تغير مفهوم العمل بعد جائحة كوفيد-19 في فلسطين - طاولة مستديرة رقم (9)

الكاتب: معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني (ماس)
السنة: 2022

أدى ظهور وباء كوفيد- 19 وانتشاره في بداية العام 2020 إلى خلق تحولات جذرية وسريعة في القوى العاملة وأساليب العمل طالت مختلف الدول والقطاعات. ولعل أبرز تحول في هذا السياق كان في زيادة التوجه نحو العمل عن بعُد( Rmote Work or Telework) والعمل الهجين ( Hybrid Work ) واللذان ظهرا على السطح كوسيلة سريعة للتأقلم مع إجراءات الإغلاق الاحترازية التي فرضتها معظم الحكومات في العالم للحد من انتشار الوباء. ولاحقاً لتقلص الإجراءات الاحترازية .أعادت المؤسسات تكييف نفسها من خال الاعتماد على المزيد من العمل عن بعُد مقارنة بما كان عليه الحال قبل الوباء. وقد ساهم في ذلك وجود توجه مماثل خال العقدين السابقين لانتشار كوفيد- 19 ، حيث كان العمل عن بعُد في ازدياد مطرد، ولكنه كان يشكل حصة متواضعة نسبيا في تركيبة القوى العاملة) .

تتشابه العديد من التعريفات الخاصة بالعمل عن بعُد، أبرزها التعريف الذي اعتمدته منظمة العمل الدولية على أنه “استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات مثل الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية وأجهزة الحاسوب المحمولة، لأغراض  العمل الذي يتم خارج مقر الإدارات المشغلة”. علماً أن العديد من الدول قد بدأت تتبنى إطاراً تنظيمياً لتنظيم العمل عن بعُد، خاصة دول الاتحاد الأوروبي. (ILO, 2020a)
تشير معظم الأدبيات العالمية إلى وجود توجه عالمي ملحوظ للاستمرار في العمل عن بعُد حتى بعد السيطرة على الوباء وتقليص إجراءات الإغاق الاحترازية، وزيادة التطعيم ضد كوفيد- 19 بالشكل الذي يقلل من مخاطر العدوى (Aksoy et al, 2022). إن هذا التوجه المتزايد للعمل عن بعد مدفوع بزيادة القبول الاجتماعي لهذا النمط من قبل المشغلين والعاملين على حد سواء، وذلك نتيجة للارتفاع غير المتوقع لإنتاجية الموظفين خلال العمل عن بعُد، علاوة على تطور تقنيات التواصل والعمل عن بعُد. كما منح العمل عن بعُد مرونة أكبر للعاملين في تحديد أوقات البدء والانتهاء وترتيب فترات الراحة خلال يوم العمل لتتناسب أكثر مع التزاماتهم، حتى وإن كان الحصول على هذه الميزات على حساب تغيير وظائفهم والانتقال لوظائف ذات مرونة أكبر  (Angelici and Profeta, 2020; Aksoy et al, 2022). أيضا، ترافقت هذه التوجهات المتزايدة في العمل عن بعُد في خلق عوامل محفزة للابتكار والاختراع، حيث أشار المسح آنف الذكر إلى تضاعف أعداد طلبات براءات الاختراع المتعلقة بتقنيات التواصل عن بعُد وعقد الاجتماعات عبر تقنية الفيديو ) Video Conference ( منذ الوباء حتى منتصف 2022 . ظهرت مؤخراً العديد من الدراسات والمسوح في معظم أنحاء العالم والتي هدفت إلى تقييم تجربة العمل عن بعُد،
وتحديد إيجابياتها وسلبياتها، وتحليل التوجه العام لدى المشغلين في قبول استمرار العاملين لديهم في العمل عن ب عُد حتى بعد انحسار الوباء. تشير نتائج معظم الدراسات إلى أن تجربة العمل عن بعُد قد سارت بشكل أفضل مما كان متوقعا من قبل المشُغلين، حيث أدت الفوائد المتحققة من العمل عن بعُد إلى قيام العديد من المشغلين في أنحاء العالم بزيادة كبيرة في خطط التوظيف المستقبلية والتي تتضمن العمل عن بعُد أو العمل الهجين .

 

تحميل الملف