التّحول التدريجي نحو الطاقة المتجددة في فلسطين : البيئة الممكّنة لجذب الاستثمارات المحليّة والدولية
مع أن تركيز أعمال معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني (ماس) يصب عادة في الشؤون الاقتصادية والاجتماعية الكلية والقطاعية، فإن المعهد بات خلال السنوات الأخيرة يولي المزيد من الاهتمام لبحث مسائل البنية التحتية المرتبطة بالاقتصاد، بما في ذلك استحداث تغطية دورية لها خلال نشرة المراقب الاقتصادي الربعي. لإدراك ماس لأهمية إيجاد حلول وطنية مستدامة للتبعية والاعتماد شبه الكلي على استيراد الطاقة الكهربائية من إسرائيل، ونظرا الى أن موضوع الطاقة المتجددة بات على سلم أولويات الحكومة وسلطة الطاقة الفلسطينية والجهات الأخرى ذات العلاقة، تأتي هذه الدراسة الشاملة لبحث سبل التّحوّلُ التدريجيُ نحو الطاقة المتجددة في فلسطين، وتسعى الى تحديد وتحليل العناصر الضرورية للوصول إلى بيئة ممكنة قادرة على تشجيع وتحفيز الاستثمارات المحلية والدولية في مشاريع الطاقة المتجددة في فلسطين، من خلال تطوير إطار تحليلي للبيئة الممكنة للاستثمار في الطاقة المتجددة يتوافق مع المراحل المختلفة التي يمر بها المستثمرون قبيل الاستثمار في هذا القطاع. كما تقدم الدراسة مجموعة من السياسات والتدخلات ونماذج الأعمال التي من شأنها تمكين قطاع الطاقة المتجددة وتقليل الاعتماد على إسرائيل في مجال الطاقة الكهربائية.
توصلت الدراسة إلى أن جميع مكونات البيئة الاستثمارية في قطاع الطاقة الفلسطيني منقوصة، وأن هناك العديد من العوامل الجيوسياسية والداخلية التي تبعد المستثمرين ومنتجي الطاقة المستقلين عن الاستثمار في هذا القطاع على الرغم من توفر الرغبة والقدرة المالية. لا تزال أولوية الحكومة ومؤسساتها مركزة على قطاع الطاقة التقليدي، والإجراءات الحكومية المتبعة لا تزال غير قادرة على الحد من مخاطر الاستثمارات في مشاريع الطاقة المتجددة، مثل عدم إصدار ضمانات سيادية لمحطات توليد الطاقة المتجددة. يجب أن تعمل كلا من الجهود المركزية والجهود اللامركزية كمسارات انتقالية نحو الاستدامة، بالتوازي مع بعضها البعض. هنا فإن الجهود المركزية تركز على أمن الطاقة على المدى الطويل، بينما تركز الجهود اللامركزية على المكاسب السريعة لتنفيذ الطاقة المتجددة، من خلال تغطية الطلب المتزايد بأسعار معقولة. كحال غالبية دراسات المعهد وأبحاثه، تم تناول موضوع هذه الدراسة تلبية لاهتمام سلطة الطاقة الفلسطينية وحاجتها، وإقرارا منها بأهمية رفد السياسات والبرامج العامة بالمعلومات والتحليل العلمي الدقيق، والتشاور بين الخبراء.
وأخيرا وليس أخرا، يتوجه المعهد بالشكر إلى كل من د. ياسر الخالدي والباحثين الأستاذ حبيب حن ورند طويل على جهودهما في إعداد هذه الدراسة، وإلى سلطة الطاقة الفلسطينية ومجلس تنظيم الكهرباء الفلسطيني وهيئة تشجيع الاستثمار على تعاونهم مع فريق البحث بتقديم كافة المعلومات اللازمة لإعداد الدراسة. كما نتوجه بجزيل الشكر إلى الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي لتمويل هذه الدراسة ضمن برنامج المعهد البحثي الرئيس، ولدعمه المتواصل للمعهد ولجهود النهوض بالاقتصاد الفلسطيني وتنميته.