جلسة طاولة مستديرة (2) - قانون ضريبة القيمة المضافة ما بين القطاعين العام والخاص

الكاتب: معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني (ماس)
السنة: 2022

يتكون النظام الضريبي الفلسطيني من ضرائب مباشرة؛ مثل ضريبة الدخل وضريبة الأماك، وضرائب غير مباشرة؛ مثل ضريبة القيمة المضافة، وضريبة الشراء والرسوم الجمركية. تعرف ضريبة القيمة المضافة بأنها ضريبة تفرض على جميع السلع والخدمات المنتجة محلياً والمستوردة من الخارج في جميع مراحل تسويقها )مراحل سلسلة البيع( بعد خصم ضريبة المشتريات )المدخات( على السلع الوسيطة. وتبلغ نسبة ضريبة القيمة المضافة في فلسطين في الوقت الحالي 16 %، باستثناء النسبة الصفرية على البضائع المصدرة والخدمات السياحية والإنتاج الزراعي. 

يجبي البائع ضريبة القيمة المضافة من زبائنه من خال إضافتها إلى ثمن السلعة النهائي، بما يساوي نسبة ضريبة المدخات نفسها التي كان قد دفعها عند شراء السلعة من التاجر، وهي ما تسمى بضريبة الصفقات، وتكون الحصيلة الضريبية التي تجبيها الدولة من المكلف في كل مرحلة مساوية للفرق بين ضريبة الصفقات وضريبة المدخات، وتكون الحصيلة النهائية للضريبة التي تجبيها الدولة تساوي قيمة الضريبة المضافة المفروضة على المستهلك النهائي، التي تبلغ في فلسطين في الوقت الحاضر 16 % من سعر المستهلك.

تختلف ضريبة القيمة المضافة اختلافاً جوهرياً عن ضريبة المبيعات التي يتم فرضها على مرحلة البيع النهائي للسلعة أو الخدمة فقط، وتدفع لمرة واحدة يوردها البائع لخزينة الدولة، ولا يتوفر فيها نظام الخصم الضريبي الخاص باسترداد قيمة الضريبة، كما هو معمول به في ضريبة القيمة المضافة، ما يسه لّ فرض ضريبة بنسب مختلفة على السلع والخدمات، وكما هو معمول به في الأردن مثاً. بمعنى آخر، ضريبة القيمة المضافة هي ضريبة منقولة من صفقة الى أخرى، وهذا لا يحدث في ضريبة المبيعات.


تفرض أغلبية دول العالم نسبة ضريبة واحدة على جميع الصفقات، وذلك بهدف الحصول على أعلى حصيلة ضريبية من جهة، وبهدف تسهيل عمل الإدارات الضريبية فيما بتعلق بالتحصيل من جهة ثانية. إلا أنه، وبهدف الاستفادة من ضريبة القيمة المضافة كإحدى أدوات السياسة المالية في تحقيق النمو الاقتصادي، من خال زيادة الاستهلاك، والمساهمة في تحقيق العدالة الاجتماعية، تفرض معظم الدول الغربية نسبة مخصصة على المواد الاستهلاكية اليومية من المواد الغذائية، أو تقوم بزيادة ضريبة القيمة المضافة أو تخفيضها تماشياً مع الأهداف الاقتصادية الكلية.))) تعتبر سيطرة البلد على حدودها وممارسة السيادة عليها مهمة لتطبيق ضريبة القيمة المضافة وتحقيق أهدافها، بخاف الواقع في فلسطين الذي تعتبر إسرائيل فيه هي المتحكم الأوحد والوحيد في السيادة على المعابر والحدود؛ سواء مع إسرائيل أو الدول الأخرى.


بعد احتلالها للضفة الغربية وقطاع غزة، استمرت إسرائيل في تطبيق القوانين الضريبية التي كانت قائمة قبل الاحتلال؛ مثل ضريبة الدخل، والأماك، والمكوس، ... وغيرها. وفي شهر تموز من العام 1976 ، أعلن الاحتال الإسرائيلي عن فرض ضريبة القيمة المضافة في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية، من خال الأمر العسكري رقم 350 ،
وذلك تنفيذاً لما ورد في قانون ضريبة القيمة المضافة الإسرائيلي 1975 - 5736 )علاونة، 1991 (.))) وتم تثبيت العمل بضريبة القيمة المضافة لاحقاً من خال نظام المكوس على المنتجات المحلية )يهودا والسامرة( لسنة 1985 ، الذي استند قانونياً إلى قانون المكوس على المنتجات المحلية الأردني رقم 16 لسنة 1963 ، وأيضاً على قانون ضريبة القيمة المضافة الإسرائيلي لسنة 1975 ، الذي جاءت نصوصه ومحتوياته انعكاساً لقانون ضريبة القيمة المضافة الإسرائيلي المذكور. احتوى نظام المكوس على 17 فصاً و 151 مادة، واشترك مع القانون الإسرائيلي في عناوين الأغلبية العظمى من المواد، إضافة إلى تعديات لغوية وإدارية تتناسب مع الوضع الاحتلالي في الضفة الغربية وقطاع غزة.


بقي العمل بموجب هذا النظام حتى اتفاق باريس الاقتصادي العام 1994 ، الذي ثبت فرض ضريبة القيمة المضافة في الأراضي الفلسطينية وفقاً لما هو معمول به في إسرائيل، بسبب اعتماد الغاف الجمركي الموحد، مع إمكانية اختاف النسب الضريبية في الأراضي الفلسطينية بما لا يزيد أو يقل عن 2% )± 2%( عما هو معمول به في إسرائيل.
ونصت المادة 6 من اتفاق باريس الاقتصادي على “فرض ضريبة القيمة المضافة، وضرائب المشتريات على الإنتاج المحلي، وأية ضرائب غير مباشرة أخرى في فلسطين، بحيث تكون معدلات الضريبة متطابقة بين إسرائيل والأراضي الفلسطينية، مع إمكانية اختلافها بين نسبة 2±%” )اتفاق باريس الاقتصادي، 1994 (. بهذا، بقيت إدارة ضريبة القيمة المضافة تتعامل، وحتى وقتنا الحالي، مع نظام المكوس على المنتجات المحلية المذكور أعاه، وفرض ضريبة قيمة مضافة على السلع والخدمات المنتجة محلياً، وتلك المستوردة بمعدل واحد، أما الرسوم الجمركية، فقد سمح للسلطة الفلسطينية فرض رسوم جمركية تختلف عن تلك المفروضة في إسرائيل فقط على عدد من السلع، وبالكميات الواردة في القوائم A1 ، و A2 ، و B، الملحقة باتفاق باريس الاقتصادي. 


تطورت مساهمة الضرائب غير المباشرة بالنسبة للإيرادات الضريبية بشكل ملحوظ، حيث أصبحت تشكل، في المتوسط، حوالي 90 % من مجموع الإيرادات الضريبية. شكلت ضريبة القيمة المضافة على المنتجات المحلية حوالي %30 منها، بينما جاء الباقي من خال ضريبة المقاصة التي شملت عوائد ضريبة القيمة المضافة، والجمارك على السلع
المستوردة من الخارج والمشتراة من إسرائيل، إضافة إلى ضريبة الشراء المفروضة على الدخان والبترول وبعض السلع الأخرى.

تحميل الملف