المراقب الاقتصادي - العام 2024 ... أجزاء جديدة في مسلسل النكبات - العدد 80
لم يحمل العام 2024 سوى المزيد من النكبات في المشهد السياسي والاقتصادي والاجتماعي في الأراضي الفلسطينية المحتلة. فالدمار البشري والاقتصادي والمادي الذي حل بقطاع غزة المنكوب فاق حدود الحصر. فيما أدى تشديد الخناق على الضفة الغربية وتوسع الاستيطان، إلى تكبيل النشاط الاقتصادي وتعميق الاختلالات الهيكلية.
بينما يعاني اقتصاد القدس الشرقية المحتلة المهمش من القمع المنهجي والإقصاء والحرمان من الحقوق، مع تعميق التبعية للاقتصاد الإسرائيلي. أعد العدد 80 من المراقب الاقتصادي في خضم العدوان الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية المحتلة، ولم تكن مهمة سهلة كما الأعداد الأخيرة من حيث تطبيق المعايير المعتادة أو الربعية للأداء الاقتصادي على مشهد يصعب تحليله بالأدوات القياسية الاعتيادية. كيف يمكن قياس وتحليل اقتصاد تعرض بوصف الخبراء لمفاهيم جديدة ملائمة لفهم معاني الإبادة على مختلف الأصعدة؟ إبادة البشر والمسكن وا لمكان والمجتمع والتعليم... والآن أمامنا خطر إبادة الاقتصاد. رغم كل ذلك، يتابع المراقب الاقتصادي مهمته بالتركيز على ما هو أهم وأحدث في الأداء الاقتصادي، الشاهد الأمين والموثوق للتاريخ الاقتصادي الفلسطيني الحديث، كما كان داما خلال السنوات الثلاثين منذ تأسيس ماس.
يرصد القسم الأول منه التطورات الاقتصادية في الربع الرابع 2024 ومجمل العام 2024 ، والتي تشير إلى تراجع حاد وغير مسبوق في النمو الاقتصادي، رافقه ارتفاع في معدلات البطالة والتضخم، ما يؤكد ما أشير إليه سابقا من فجوات واسعة بين الضفة الغربية وقطاع غزة، واختلالات في مختلف ا لمؤشرات الاقتصادية والاجتماعية. إذ لم يعد يخفى كيف أدى تركز الاستثمارات في القطاعات الخدمية والإسكان إلى انحدار في مساهمة القطاعات الإنتاجية في توليد الناتج ا لمحلي. من جانب آخر، وفي ظل الوقائع الإنسانية والاقتصادية الأليمة، يبدو أن الاقتصاد الفلسطيني، الذي ربما يلفظ أنفاسه الأخيرة، ليس أمامه سوى البحث عن سبل التعايش والتكيف مع هذا الواقع والخروج بأقل الخسائر.
أما القسم الثاني فيناقش أبرز التطورات على الساحة الاقتصادية المحلية والإقليمية، في أربعة صناديق؛ تكاليف إعادة الإعمار في قطاع غزة حسب ما جاء في “تقرير مشترك بين البنك الدولي والأمم المتحدة والإتحاد الأوروبي”، تجارة إسرائيل الإقليمية والتبادل مع دولة الإمارات، وقنوات تأثير التغير في سعر صرف الدولار على الاقتصاد الفلسطيني، وأخيرا، فجوة التصويت بين اليهود الشرقيين والغربيين.
أثناء العمل على إعداد هذا العدد من المراقب الاقتصادي، فجعت أسرة معهد “ماس”، بفقدان اقتصادي فلسطيني بارز على الساحة العالمية قبل المحلية، الدكتور فضل النقيب، ذا الإسهامات والإسهابات الواسعة في مجموعة مركزة ونوعية من الدراسات، ومنها المراقب الاقتصادي، التي تناولت الشأن الاقتصادي الفلسطيني برؤية تنموية فريدة. يذكر أن النقيب كان محررا رئيسيا للمراقب في 25 عددا على مرحلتين، الأولى كانت ما بين الأعوام 2010 - 2007 (الأعداد 21 - 8)، والمرحلة الثانية امتدت منذ العام 2020 حتى منتصف العام 2023 (الأعداد 72 - 61).
وأخيرا، نتوجه بالتقدير للشركاء الثلاثة القائمين على دعم وإعداد المراقب الاقتصادي، ولفريق البحث على إسهاماته العلمية ولمتابعته الدقيقة لمجريات الاقتصاد الفلسطيني ولأبرز تطوراته الحديثة.