نشرة انعدام الأمن الغذائي - العدد 31 - النصف الثاني من العام 2024
يصدر معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني (ماس) نشرة الأمن الغذائي منذ العام 2009 ، إسهاما منه، ومن موارده الذاتية، في جهود قطاع الأمن الغذائي في فلسطين. تهدف النشرة إلى دعم صانعي القرار والمؤسسات العاملة في مجال تحسين أوضاع الأمن الغذائي في فلسطين، وتشكل مرجعاًً مفيداًً ودورياًً لاستعراض تطورات القطاع ومقارنة أوضاعه مرتان كل سنة. ليست النشرة سوى أحد إسهامات المعهد البحثية والعلمية في الموضوع الذي استحوذ على اهتمام متواصل خلال السنوات الأخيرة، وبخاصة من خلال مشاريع بحثية مع شركاء المعهد، وبالأخص برنامج الغذاء العالمي، ومنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو).
على ضوء هذه الظروف الكارثية التي يعيشها القطاع، والتي تزداد مؤشراتها سوءًً مع مرور الأيام، فقد عنونّّا نشرة هذه السنة على الأقل “بنشرة )انعدام( الأمن الغذائي”، وذلك إقراراًً باستخدام الاحتلال الإسرائيليّّ لسياسات التجويع كسلاح في عدوانه الذي يشنه على قطاع غزة وعلى فلسطين. يأتي هذا العدد الخاص للمرة الثالثة منذ اندلاع العدوان(خريف وشتاء 2024 ، وصيف 2024 )، مُُدمراًً خلال ما يزيد على عام جميع مناح الحياة الحيويّّة بما فيها البشرية، والاقتصادية، والاجتماعية. في هذا السياق، تأتي النشرة مُُكملة لجهود معهد “ماس” في الأشهر الأخيرة في توثيق ورصد مُُجريات العدوان الإسرائيليّّ على فلسطين، وأبعاده الاقتصاديّّة والاجتماعيّّة المُُتعددة، وتحليلها لغايات دراسة المُُتطلبات الإغاثية، والسياساتيّّة والتمويليّّة والمؤسسيّّة لمواجهة تبعات هذا العدوان.
مع حلول نهاية الشهر الخامس عشر، يترك العدوان وراءه آثاراًً غير مسبوقة كدليل على استمرار المُُحاولات الإسرائيلية السابقة لإضعاف المجتمع الفلسطيني وضرب بُُناه التنمويّّة. مع كل يوم، تزداد التوقعات المستقبلية لمآلِِ العدوان سوداويّّة، والتي تُُشخص بالحاجة إلى عشرات السنوات لإعادة الإعمار التنموية والاجتماعية والاقتصادية كحدٍٍ أقصى لإعادة الحياة إلى فلسطين، وبالتحديد قطاع غزة، إلى حالة تُُشابه ما قبل العدوان، والتي في أساسها لا تكاد تقترب لأن تُُوصف بأنها تنموية أو مُُكتفية.
يسلط هذا العدد من نشرة انعدام الأمن الغذائي الضوء على آخر مستجدات الحالة الإنسانية المتعلقة بانعدام الأمن الغذائي موضحين أبرز مؤشرات حدوث كارثة غذائية في قطاع غزة على جانبي العرض والطلب. وفي ظل هذا مُُحاولات ضرب السلاسل الغذائية، نُُبرز نماذج للصمود الغذائي للنازحين الذين استطاعوا استغلال ما تيسر من المساحات الضيقة بجانب خيام النزوح لتوفير بعض المواد الغذائية الأساسية. نُُناقش أيضاًً في هذا القسم استمرارية التدمير المُُمنهج للبُُنية الغذائية في الضفة الغربية ومؤشراتها كإحدى مُُحاولات التوسع الاستيطاني الإسرائيلي والتهجير الفلسطيني. نُُسلط في هذا العدد الضوء على المُُبادرات الفرديّّة والجماعيّّة في هذا الصدد، وكذلك بعض المُُبادرات المؤسسية والحكومية، ونتساءل حول إمكانية تحول هذه المُُبادرات إلى بديل مُُستدام للعمل في سوق العمل الإسرائيلي. كما ونفرد في هذا العدد حيزاًً جزئياًً لإلقاء الضوء على موسم الزيتون الأخير، وأبرز مؤشراته وتحدياته في ظل العدوان على قطاع غزة وتصاعد هجمات الاحتلال والمستوطنين على الأراضي الزراعية في الضفة الغربية.
كما يرصد الجزء الثاني من هذا العدد التطورات في أسعار الغذاء عالمياًً ومحلياًً، والتي تأثرت بشكل كبير في ظل منع وصول السلع التجارية أو المساعدات إلى القطاع. كذلك تأثر الأسعار العالمية في ظل انخفاض إنتاج الزيوت في بعض الدول المنتجة مما أدى لارتفاع أسعارها، وكذلك ارتفاع أسعار منتجات الألبان. تتناول النشرة في القسم الثالث تقريراًً صادراًً عن منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة )الفاو( في شهر تموز يُُقدم أبرز مؤشرات الأمن الغذائي على المستوى العالمي للعام 2023 ، باستعراض التقدم والتراجع الحاصل في أبعاد الأمن الغذائي الأربعة. كما يفرد التقرير حيزاًً لمُُناقشة تحدي تحقيق أهداف القضاء على الجوع ضمن أهداف التنمية المُُستدامة، مُُركزاًً على ضرورة تطوير آليات لتمويل الأمن الغذائي والتغذوي. ثم، نستعرض ثلاث دراسات صدرت حديثاًً تستند إلى مسوح ميدانية في قطاع غزة أثناء الحرب، لإيضاح أبرز مؤشرات انعدام الأمن الغذائي، وبعض الاستشرافات المستقبلية حول انعكاسات هذه المؤشرات. وأخيراًً، يُُقدم القسم مُُراجعة لمُُلخص سياساتي حول تاريخ مفهوم السيادة على الغذاء في فلسطين، في ظل الاستعمار الاستيطاني ومحاولات تدمير البُُنية الإنتاجية، ويُُقدم تصوراًً لهذا المفهوم، كأداة للصمود في ظل العدوان الحالي.