المراقب الاقتصادي - استمرار مسلسل التدمير الاقتصادي- الاجتماعي - العدد 79
استمر المشهد الحربي، الذي لا يوحي سوى بالمزيد من المآسي، بالطغيان على الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي في الأراضي الفلسطينية المحتلة خلال الربع الثالث للعام 2024 . فالدمار البشري والاقتصادي والمادي غير المسبوق الذي حل بقطاع غزة فاق حدود الحصر العينية والإحصائية. فيما أدى استمرار العدوان الإسرائيلي على الضفة الغربية، إلى تكبيل النشاط الاقتصادي وإلى تعميق الاختلالات الهيكلية في بنية الاقتصاد ا لمحلي، وانحسار الدخل، وعدم توازنه مع تكاليف الحياة.
كما هو الحال منذ بدء العدوان الإسرائيلي، أُُعد العدد 79 من المراقب الاقتصادي ليستعرض آثار الصدمات المتتالية وعدم اليقين، وصعوبة تطبيق المعايير القياسية الاعتيادية المتبعة عند تحليل الأداء الاقتصادي الربعي. أمام ما ينذر بخطر إبادة الاقتصاد الفلسطيني في قطاع غزة، لا تستطيع أن تنقل الأرقام والتحليل صورة كاملة لما يجري على الأرض. حملت كل مرحلة من مراحل هذه الحرب البشعة صدمات جديدة جراء توظيف الأسلحة الاقتصادية والاجتماعية الإسرائيلية ضد شعب أعزل في محاولة متواصلة لجعل فلسطين غير قابلة للحياة.
رغم قتامة المشهد، يتابع المراقب الاقتصادي مهمته في التركيز على ما هو أهم وأحدث في الأداء الاقتصادي، الشاهد الأمين والموثوق للتاريخ الاقتصادي الفلسطيني الحديث، كما كان داما خلال السنوات الثلاثين منذ تأسيس المعهد.
يرصد القسم الأول من المراقب التطورات الاقتصادية في الربع الثالث 2024 ، والتي لم تختلف عن واقعها في الأرباع السابقة، إذ تشير البيانات الربعية، إلى تراجع حاد في النمو الاقتصادي (أساس سنوي)، رافقه ارتفاع في معدلات البطالة والتضخم. كما أكدت البيانات الربعية على الفجوة الواسعة بين الضفة الغربية وقطاع غزة في المساهمة في الاقتصاد الفلسطيني، والاختلالات في مختلف ا لمؤشرات، فلم يعد يخفى كيف أدى تركز الاستثمارات في القطاعات الخدمية والإسكان إلى انحدار في مساهمة القطاعات الإنتاجية في توليد الناتج المحلي أما القسم الثاني فخصص لمناقشة أبرز التطورات على الساحة الاقتصادية المحلية والإقليمية، حيث يتناول بداية موضوع توفير الإيواء المؤقت لسكان قطاع غزة، والاحتياجات والتحديات التي تواجه ذلك؛ من ثم يتناول أثر تهديد الملاحة في باب المندب على التجارة الدولية، استناداًً الى تقرير البنك المركزي الإسرائيلي؛ كما يقدم قراءة للبرنامج الوطني للتنمية والتطوير في فلسطين ( 2026 - 2025 )؛ وفي موضوعه الرابع والأخير، يناقش أبرز أرقام تقرير البنك الدولي 2024 / 12 حول خسائر الاقتصاد الفلسطيني بشكل عام، والتي عانى منها قطاع غزة بشكل خاص، نتيجة الحرب نتوجه بالتقدير للشركاء الثلاثة القائمين على دعم وإعداد المراقب الربعي، ولفريق البحث على إسهاماتهم العلمية ومتابعتهم الدقيقة لمجريات الاقتصاد الفلسطيني ولأبرز تطوراته الحديثة.