إشكاليات الخطط الوطنية والتخطيط الفلسطيني على المستوى الكلي والقطاعي في ظل الحرب على غزة

الكاتب: معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني (ماس)
السنة: 2024

تأثرت جهود التخطيط الاستراتيجي العام، ودوره في تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية وإدخال تحسينات ملموسة في الخدمات العامة ومستويات معيشة السكان في فلسطين بشكل كبير بالتحديات الكبيرة التي فرضها الاحتلال الإسرائيلي، ناهيك عن الحصار المشدد والحروب المتتالية على قطاع غزة منذ العام 2006 . أدى ذلك إلى تراجع التنمية الاقتصادية وزيادة التحديات الاجتماعية. مارس الاحتلال خلال العقد الماضي حصار ماليا على الحكومة الفلسطينية تحت ذرائع مختلفة، كما يقوم بعمليات قرصنة متتالية على أموال المقاصة التجارية. كل ذلك حد بشكل كبير من قدرة الحكومة الفلسطينية على توفير الميزانيات الضرورية لتطوير البنية التحتية الخدمية وتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين.

منذ منتصف العام 2023 انطلقت الجهود المكثفة في مكتب رئيس الوزراء والأمانة العامة لإعداد خطة التنمية الوطنية للأعوام( 2024 - 2029 ) بالشراكة والتشاور مع الدوائر الحكومية المختلفة، وأثمرت تلك الجهود عن إعداد الإطار العام للخطة، وإنجاز المسودات الأولى للخطط الاستراتيجية للوزارات والمؤسسات الحكومية للأعوام - 2024 2029 بما ينسجم مع المنهجية المحدثة للتخطيط التي تم اعتمادها من قبل مجلس الوزراء. كان من المفترض أن يتم إنجاز الخطط نهاية العام 2023 ، ومن ثم اعتمادها وبدأ العمل بها خلال العام 2024 . لكن على أثر الحرب التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة والضفة الغربية، تم تعليق العمل على الخطط الاستراتيجية المفترضة للأعوام 2024 - 2029 ، حيث شرعت الحكومة في إعداد خطة طوارئ للعام 2024 بكل تأكيد، أفرزت الحرب الحالية تأثيرات اقتصادية واجتماعية كبيرة في كل من قطاع غزة والضفة الغربية. في ظل الواقع الاقتصادي والاجتماعي الصعب، فإن هناك اشكالية كبيرة قائمة حول مدى قدرة الخطط الاستراتيجية الوطنية التي تم إعدادها وفق سيناريوهات وسقف سياسي ما قبل 7 أكتوبر )خاصة الخاصة بالأعوام 2024 - 2029 ( للاستجابة للواقع الحالي الذي تحول في كل أشكاله وباتت “التنمية” بعيدة المنال في ظل ظرف اقتصادي سياسي يتسم بالكفاف والتصدي للاحتلال. تم بناء هذه الخطط على واقع اقتصادي واجتماعي مختلف، وبالتالي فإن من الضروري إعادة النظر ليس فقط في مضمون الخطط الاستراتيجية ومدى استجابتها للتغيرات الدراماتيكية الأخيرة. 

أيضا يجب إعادة النظر في شكل وهيكلية وآليات التخطيط الاستراتيجي في ظل التغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي أفرزتها الحرب، وحجم الدمار الهائل في البنية التحتية والانتشار الكبير للبطالة والفقر وانعدام الامن الغذائي، والذي يتزامن مع أزمة مالية حكومية غير مسبوقة.

تطرقت هذه الورقة الخلفية لواقع التخطيط الاستراتيجي على مستوى الحكومة والقطاع العام في فلسطين، من خلال تقديم خلفية تاريخية لتطور التخطيط الاستراتيجي ومدة معالجتها لتحديات التنمية في فلسطين في كل مرحلة من المرحل. كذلك ناقشت توجهات التخطيط الاستراتيجي المستقبلية في ظل الواقع الاقتصادي والاجتماعي الصعب والمعقد غير المسبوق نتيجة للحرب التدميرية على فلسطين، ومحاولة الإجابة عن مدى قدرة الخطط الاستراتيجية القائمة على الاستجابة للواقع الحالي الذي يشهد تدهورا كبيرا في كافة المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، واذا ما كان هناك ضرورة لإعادة النظر في أي عملية تخطيط مستقبلية في التخطيط الاستراتيجي الحكومي الذي يتم التعامل فيه مع الضفة الغربية وقطاع غزة كوحدة واحدة.

مرفقات
إشكاليات الخطط الوطنية والتخطيط الفلسطيني على المستوى الكلي والقطاعي في ظل الحرب على غزة