حوكمة المساعدات المقدمة لفلسطين بعد الحرب على غزة
لطالما أعاقت المصالح الاقتصادية الإسرائيلية أي جهود لبناء اقتصاد وطني فلسطيني مستدام وحيوي، كما يؤكد بروتوكول باريس لعام 1994 . في الضفة الغربية، تضيق القيود المفروضة على الحركة والتنقل الخناق على الاقتصاد الفلسطيني المحاصر، ناهيك عن تجزئة الأراضي، والمستوطنات والبنية التحتية الاستيطانية الآخذة في التوسع. أما في قطاع غزة، فقد أدى الحصار الذي فرضته إسرائيل العام 2007 ، إلى” راجع التنمية الاقتصادية“ الى مستويات كارثية والاعتماد كليا على المساعدات الإنسانية. 1
فقد شكل الحصار الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة المناخ والظروف الاقتصادية في القطاع والتي أثرت وتؤثر على أكثر من مليوني فلسطيني يقطنون هناك. خلال الفترة ما بين 2005 و 2023 ، تسبب الحصار
بعزل غزة فعليا عن بقية أراضي فلسطين، ما أدى إلى خسارتها الكثير من علاقاتها التجارية محليا، فضلاًً عن فرض قيود مشددة على الاستيراد والتصدير. بالإضافة إلى ذلك، أدى الحصار إلى خسارة مساحات واسعة من الأراضي الصالحة للزراعة، مما أدى إلى شل القطاع الزراعي والصناعات المحلية الأخرى، وتفاقم الفقر وانعدام الأمن الغذائي. كما حظرت إسرائيل بناء الموانئ الجوية والبحرية في القطاع وتشغيلها، وقيدت استيراد مدخلات الإنتاج والتكنولوجيا الحيوية لمختلف القطاعات الإنتاجية.
يتعرض قطاع غزة بصورة منتظمة للهجمات العسكرية الإسرائيلية، والتي لا تزال أشدها وأكثرها كارثية مستمرة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023 . وقد ألحقت الهجمات السابقة )في الأعوام 2009 و 2012 و 2014 و 2021 ( خسائر فادحة في الأرواح وأعدادا كبيرة من الجرحى، ودفعت السكان للنزوح من منطقة لأخرى. فضلاًً عن التدمير المتكرر لجميع مرافق البنية التحتية المادية – من الوحدات السكنية والتجارية إلى المرافق التعليمية، ومراكز الرعاية الصحية، وقنوات الري، وأنظمة ضخ المياه، وشبكات الكهرباء، وشبكات الإنترنت، والمصانع. كما ألحقت هذه العمليات أضرارا بالمخزون الرأسمالي والأصول الإنتاجية، بما في ذلك الأراضي الزراعية والمحاصيل وحظائر الماشية والدفيئات الزراعية وأشجار الفاكهة ومنشآت التخزين، والقوارب، ومعدات الصيد، والصناعات الزراعية.
كان للحصار الإسرائيلي والاجتياحات العسكرية المستمرة لقطاع غزة عواقب اقتصادية وخيمة. منذ عام 2022 ، لم تتجاوز مساهمة قطاع غزة في الناتج المحلي الإجمالي للاقتصاد الفلسطيني ال 17.4 %، وبلغت نسبة اعتماد القطاع على المساعدات قرابة 80 %، فيما ارتفع معدل البطالة ارتفاعا صاعقا ناهز 45 %. 2 وقد تفاقمت هذه المؤشرات الخطيرة بشكل كبير منذ ذلك الحين، كما هو موثق في منشورات “ماس”والمؤسسات الدولية الصادرة حتى هذا التاريخ.