حلقة جديدة في مسلسل النكبات، وبداية مرحلة من الكفاف قبل التعافي الاقتصادي - المراقب الاقتصادي 76
جاءت نهاية العام 2023 بالمزيد من المآسي والنكبات غير المتوقعة على المشهد السياسي والاقتصادي والاجتماعي في الأراضي الفلسطينية المحتلة. فالدمار البشري والاقتصادي والمادي الذي حل بقطاع غزة المنكوب فاق حدود الحصر العينية والإحصائية. فيما أدى تشديد الخناق على الضفة الغربية، إلى تكبيل النشاط الاقتصادي وإلى تعميق الاختلالات الهيكلية في بنية الاقتصاد المحلي، وانحسار الدخل. بينما يعاني اقتصاد القدس الشرقية المحتلة من القمع المنهجي والإقصاء والحرمان من الحقوق، مع تعميق التبعية للاقتصاد الإسرائيلي.
أُُعد العدد 76 من المراقب الاقتصادي في خضم العدوان الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية المحتلة، ولم تكن مهمة سهلة من حيث تطبيق المعايير الاعتيادية أو الربعية للأداء الاقتصادي على مشهد يصعب تحليله بالأدوات القياسية الاقتصادية العادية. كيف يمكن قياس وتحليل اقتصاد تعرض إلى ما يصفه الخبراء بمفاهيم جديدة ملائمة لفهم معاني الإبادة على مختلف الأصعدة؟ إبادة البشر، إبادة المسكن، إبادة المكان، إبادة المجتمع، إبادة التعليم... والآن أمامنا خطر إبادة الاقتصاد.
يرصد القسم الأول من المراقب التطورات الاقتصادية في الربع الرابع من العام 2023 ، ومجمل العام 2023 . تشير البيانات الربعية إلى تراجع حاد في النمو الاقتصادي، رافقه ارتفاع في معدلات البطالة والتضخم. في حين أكد رصد التطورات السنوية على الفجوة الواسعة أصلاًً، بين الضفة الغربية وقطاع غزة في المساهمة في الاقتصاد الفلسطيني، والاختلالات في مختلف المؤشرات الاقتصادية والمالية والاجتماعية. إذ ما عاد يخفى كيف أدى تركز الاستثمارات في القطاعات الخدمية والإسكان إلى انحدار في مساهمة القطاعات الإنتاجية في توليد الناتج المحلي.
أشرنا في العدد السابق من المراقب الذي صدر بعد اندلاع الحرب، أن في ظل التداعيات السلبية للحرب التي تستهدف مقومات الحياة في فلسطين، خاصة في القطاع، سيتم الاستغناء مؤقتا عن إدراج قسم “متابعات اقتصادية” في المراقب. وقد تم الاستعاضة عنه في هذا العدد بقسم يوجز أبرز التقارير الاقتصادية والاجتماعية الصادرة عن عدة جهات دولية، وقد غطى هذا القسم التقارير الصادرة منذ تشرين ثاني 2023 لغاية نهاية نيسان 2024 . الهدف من هذا القسم هو تبيان ما هو أعمق من السرد التقليدي لمؤشرات الاقتصاد الكلي وتقديم تقديرات أولية كلية عن الخسائر البشرية والاقتصادية والاجتماعية، في الاقتصاد الفلسطيني بشكل عام، وقطاع غزة بشكل خاص، منذ الربع الأخير من العام 2023 . إضافة إلى تقديم تصور أولي عما هو متوقع من تغيرات على أبرز المؤشرات الاقتصادية-الاجتماعية والاقتصادية في العام 2024 .