كلمة مدير عام "ماس" خلال الجلسة الفنية الأولى/ رام الله - للحوار المجتمعي حول الضمان الاجتماعي

16 أيار 2023


 في بداية لقائنا اليوم أود أن أتحدث عن نقطتين جوهرتين فيما يتعلق بدور "ماس" في الحوار المجتمعي وبطبيعة الحوار المجتمعي الذي نستضيفه.


دور ماس:

  • بشكل طبيعي وكاستنتاج لسنوات من الأبحاث والنمذجة ودراسة التجارب المقارنة في الدول المتقدمة والنامية، توصل ماس إلى رأي علمي حول نظام الضمان مفاده أن الفوائد الاقتصادية واضحة من بناء نظام الحماية الاجتماعية الشاملة لجميع الفئات، كجزء من عملية بناء نظام سيادي لفلسطين الغد، أو كما لقّبها في سنوات التسعينيات المتفائلة الدكتور نبيل شعث "فلسطين غير شكل".
  • إن لم يكن ذلك واضحاً ماس ليس طرفا في الحوار، دورنا هو الاستضافة الهادئة وتوفير خدمات السكرتاريا للملتقى، بما يشمل إدارة 10 جلسات حوارية وتسجيل مجرياتها، ونشر الأبحاث والمعلومات حول مسودة القانون، وفتح باب النقاش المجتمعي من خلال صفحة الملتقى، وتدوين التعليقات ومحاولة توفير المعلومات التوضيحية حول الاستفسارات الواردة.
  • بالتالي نواكب الحوار الذي أطلقه ممثلو الأطراف الثلاثة، في سياق تخصصنا العلمي وكون المعهد يوفر لجميع الشركاء "مساحة آمنة" للنقاش بين الرأي والرأي الآخر في مختلف القضايا.


الحوار المجتمعي

  1. عند صياغة السياسات الاقتصادية والاجتماعية في أي بلد، هناك فرق بين التفاوض والحوار
  2. التفاوض يتم عادة ضمن إطار مؤسسي ومرجعي متفق عليه، بين طرفين أو أكثر في سياق عملية مراجعة السياسات والقوانين قبل إقرارها.
  3. عادة مثل هذا التفاوض والتشريع يسبقه حوارات عامة، في الاعلام والجامعات والتجمعات الحزبية وغيرها من المساحات العامة، كجزء طبيعي من العملية الديموقراطية وممارسة حرية التعبير.
  4. بالتأكيد فإن أنجح السياسات وأصلب الأنظمة والقوانين عادة تكون نتيجة تكوين نوع من الإجماع أو أغلبية الرأي العام لصالحها.
  5. العكس صحيح أيضاً، حيث كثيراً ما تفشل السياسات المحاكة في الكواليس التشريعية او الوزارية بسبب عدم إخضاعها لنقاش مجتمعي ممنهج، والنتيجة هو انتقال الحوار المجتمعي الى ساحة حوارية أخرى، أي المطالب الجماهيرية في الشارع.
  6. من التجارب ذات الدلالة لما يحدث في نظام ديموقراطي عندما تخلو العملية التفاوضية التشريعية من الإجماع الواسع وتمضي قدما دون اجراء الحوار المجتمعي اللازم، هو ما شهدناه في فرنسا في اعقاب قرار رئاسي وعملية تشريعية موازية لإجراء تراجع عن أحد الشروط التاريخية للعقد الاجتماعي، أي في رفع سن التقاعد من 62 الى 64 سنة.
  7. ومع رفض النظام السياسي لإجراء أي حوار اجتماعي وطني أو تفاوض مع أطراف الإنتاج او استفتاء شعبي، شهدت فرنسا خلال الأشهر الأخيرة أكبر حركة احتجاج جماهير اجتماعي مطلبي، منذ زمن طويل. ولم يحسم بعد مصير النظام الاجتماعي، وستشهد الأيام مدى صلابة النظام السياسي الحاكم.
     

أرى أن هذا المثال ممتاز لنبرز ما تسعى الأطراف على الطاولة إلى تحقيقه من خلال إجراء هذه النقاشات الصريحة والمفتوحة، وما تحاول أن تتفاداه من خلال استباق العملية التشريعية الرسمية باستعراض شامل لهذه السياسة الاجتماعية التي يجسدها مسودة قانون الضمان، واعتبار الباب مفتوح للمزيد من التطوير والتوصل الى المزيد من الاجماع ليس فقط على ضرورته التنموية، بل كذلك على جاهزية فلسطين للانطلاق في تطبيق مثل هذا النظام الحيوي والاستراتيجي لعل هذا يحول دون انتقال الحوار إلى الشارع هذه المرة.