ماس يبحث سبل تعزيز توجه السلطات المحلية إلى الطاقة المتجددة : في لقاء الطاولة المستديرة السابع 2022

23 تشرين الأول 2022

رام الله، الأربعاء، 19 تشرين أول 2022: عقد معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني (ماس) لقاء طاولة مستديرة بعنوان "تعزيز توجه السلطات المحلية إلى الطاقة المتجددة" بمشاركة مجموعة من المختصين وذوي الخبرة والمهتمين من مختلف القطاعات وجاهياً ورقمياً. في بداية اللقاء استعرض الدكتور تامر الخطيب من جامعة النجاح الورقة خلفية التي أعدها حول الموضوع، فيما عقَب على الورقة كل من المهندس ظافر ملحم، رئيس سلطة الطاقة والموارد الطبيعية، والمهندس عبد الرحمن هيجاوي مدير عام شركة قدرة لحلول الطاقة المتجددة، والسيد خالد غزال مدير دائرة الخدمات في بلدية رام الله.

 

افتتح مدير الأبحاث في المعهد الدكتور رابح مرار الجلسة مؤكداً على أهمية الموضوع وأن هذه الورقة تأتي في إطار اهتمام المعهد بمتابعة القضايا الاقتصادية والاجتماعية المستجدة التي تهم المواطن الفلسطيني وصاحب القرار، حيث يعقد المعهد جلسات الطاولة المستديرة الدورية لمناقشة هذه المواضيع باعتبارها أحد الأدوات لاقتراح توصيات سياساتية تفيد في عملية صنع القرار بما ينعكس إيجاباً على الاقتصاد والمواطن الفلسطيني.

ورقة ماس الخلفية

في إطار عرض الورقة استعرض الباحث واقع قطاع الكهرباء والشبكة الكهربائية في فلسطين، والتحديات التي تواجه قطاع الكهرباء، وعلى رأسها سيطرة الاحتلال الإسرائيلي على مكونات النظام الكهربائي؛ من محطات التوليد، وشبكات النقل، ومعظم شبكات التوزيع ذات الضغط المتوسط، إضافة إلى معاناة الشبكة الكهربائية في الأراضي الفلسطينية من ضعف البنية التحتية. كما تطرق الباحث إلى مدى حاجة المجالس المحلية للطاقة المتجددة وآلية التخطيط المثلى لمشاريع الطاقة المتجددة في ظل الوضع القائم، وهذا بدوره يتطلب دراسة حجم الطاقة المتجددة التي يمكن لشبكة الكهرباء التي تتبع الهيئة المحلية تحملها دون الإضرار بالشبكة الكهربائية تقنياً، ودون مخالفة القوانين والتعليمات الرسمية الفلسطينية، أو عائدات المجلس ماليا. وقد بين الباحث التفاوت بين المجالس المحلية في درجة جاهزيتها للتعامل مع الطاقة المتجددة، والذي يعزى بشكل أساسي إلى عدة عوامل منها القدرة الفنية والموارد البشرية المتوفرة، وطبيعة الشبكة الكهربائية، ومشغلها، وموقع القرية الجغرافي وحجمها وطبيعة أحمال الشبكة الكهربائية داخل شبكة المجلس المحلي. وأخيرا وضح الباحث، أهم الخطوات الواجب اتباعها من السلطات المحلية لتشجيع الاستثمار في مجال الطاقة المتجددة، والتي تتمثل بتطوير نموذج قانوني يربط أصحاب العلاقة بشكل يخدم الاستثمار في مجال الطاقة المتجددة، بتطوير الموارد البشرية والفنية في المجالس المحلية لتكون قادرة على إدارة عملية الاستثمار في مجال الطاقة المتجددة، وتعزيز عائدات المجالس المحلية من الخدمات الأخرى.

مداخلات المتحدثين

بدأ المهندس ظافر ملحم مداخلته بالحديث عن التحديات التي يواجهها قطاع الكهرباء، والتي من أهمها عدم نقل الصلاحيات المتعلقة بهذا القطاع بشكل كامل من قبل الجانب الإسرائيلي للجانب الفلسطيني، وتحديد الحد الأقصى المسموح استيراده من الكهرباء من قبل الجانب الإسرائيلي. كما تطرق ملحم في مداخلته إلى القرار بقانون رقم (13) لسنة 2009م بشأن قانون الكهرباء العام الذي يهدف إلى تطوير قطاع الكهرباء في فلسطين، وتشجيع الاستثمار فيه لتوفير الطاقة الكهربائية بصورة كافية وبأقل الأسعار، حيث ما زال يدار هذا القطاع من قبل عدد محدد من الشركات المرخصة المولدة والموزعة للطاقة الكهربائية بالإضافة إلى 121 هيئة محلية تعمل في هذا المجال.

أكد ملحم أن التحول نحو الطاقة المتجددة من الحلول المطلوبة والناجعة لمواجهة التحديات الناجمة عن الممارسات التي ينتهجها الاحتلال الإسرائيلي في تزويده للطاقة الكهربائية. وتكمن أهمية هذا التحول في فتح آفاق جديدة نحو الاستثمار في هذا القطاع وفي الفائدة العائدة على الهيئات المحلية غير الموزعة للطاقة الكهربائية من خلال منحها الفرص في توفير الدخل لها وتحسين قدرتها على تغطية المصاريف التشغيلية.

كما أوضح ملحم أنه من أجل السعي قدما في مجال التحول نحو الطاقة المتجددة، فإنه يتوجب دعم جهود التنسيق بين الهيئات المحلية والشركات الموزعة للطاقة الكهربائية من خلال تحديث النظم والمعلومات والقواعد التي تضمن التوزيع العادل للطاقة الكهربائية. واختتم ملحم مداخلته بالإشارة إلى أن سلطة الطاقة بصدد إصدار العديد من الرخص لإنشاء مشاريع مولدة للطاقة المتجددة من خلال العقود المباشرة والعطاءات التنافسية التي تتوفر فيها عناصر نجاح التحول نحو الطاقة المتجددة وإقامتها في مناطق مفتوحة وملائمة.

شدد المهندس عبد الرحمن هيجاوي في بداية مداخلته على أهمية الموضوع، واستشهد على ذلك بالإشارة إلى النماذج الدولية الرائدة في مجال التحول نحو استخدام الطاقة المتجددة، إدراكا منها لأهمية ذلك في فتح فرص تنموية واقتصادية جديدة. وفي هذا الصدد أشار هيجاوي إلى ضرورة وجود سياسات على المستوى الوطني تشجع الاستثمار في مجال الطاقة المتجددة، خاصة في ظل وجود بعض النماذج الناجحة لبعض الشركات العاملة في مجال الطاقة المتجددة، والتي أثبتت أيضاً قدرتها على دعم قطاع الكهرباء ومواجهة التغيرات المستقبلية.

وضح هيجاوي أن التحول نحو استخدام الطاقة المتجددة سيغير طبيعة النظام الساري حالياً، وذلك من خلال الانتقال من استخدام الكهرباء المولدة من المحطات المركزية المربوطة بالجانب الإسرائيلي من خلال 240 نقطة ربط موزعة في أنحاء الضفة الغربية إلى محطات لا مركزية يمكن إنشائها من أي مكان أي "انتاج الطاقة عند الطلب". وقد وضح هيجاوي الآثار الإيجابية لهذا التحول في تشجيع إنشاء المزيد من المشاريع الصناعية وزيادة الاستثمار فيها، وانعكاس ذلك على تطوير الاقتصاد الفلسطيني ككل. تطرق هيجاوي إلى التحديات التي تواجهها مشاريع الطاقة المتجددة، والتي من أبرزها صعوبة حصول الأفراد على رأس المال اللازم للمساهمة في هذه المشاريع والمشاكل الفنية التي قد تواجههم عند إنشائها.

ركز الدكتور خالد نزال في مداخلته على أشكال الاستثمار الممكنة في مجال الطاقة المتجددة لدى الهيئات المحلية، والتي تكون إما على شكل شراكة بين الهيئات المحلية والقطاع الخاص، أو أن تخصص الهيئة المحلية جزءا من موازنتها لاستثمارها في مجال الطاقة المتجددة، وبين نزال أنه على الرغم من أنه يفضل إقامة هذه الاستثمارات بالشراكة مع القطاع الخاص إلا أن هذا الشكل من الاستثمار يواجه تحديا بارزا يتمثل في احجام القطاع الخاص عن الاستثمار في مجال الطاقة المتجددة بسبب تخوفات عدة من أبرزها خوفه من عدم تحقيق عائد مجد ومضمون خاصة في ظل ارتفاع أسعار الكهرباء، إضافة إلى مخاوف المستثمرين من طول فترة استرداد رأس المال. من جانب آخر يعيق شح الموارد المادية استثمار الهيئات المحلية في قطاع الطاقة المتجددة.