معهد «ماس» ينضم إلى الحملة الدولية: أوقفوا التجارة مع المستوطنات
بيان صحفي
أطلق ائتلاف يضمّ أكثر من 80 منظمة مجتمع مدني حول العالم—من بينها معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني (ماس)— اليوم الاثنين 15 أيلول/سبتمبر 2025، حملة مناصرة غير مسبوقة بعنوان «أوقفوا التجارة مع المستوطنات». تركز الحملة على مطالبة الدول بحظر التجارة مع المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية في الأرض الفلسطينية المحتلة، إلى جانب مطالبة الشركات المتعددة الجنسيات والمؤسسات المالية التي تُسهم في إبقاء مشروع الاستيطان قائمًا، بوقف تعاملها معه.
ترتكز الحملة على تقرير صدر حديثًا بعنوان: «التجارة مع المستوطنات غير القانونية: كيف تُمكّن الدول الأجنبية والشركات مشروع الاستيطان الإسرائيلي غير القانوني». يبيّن التقرير أن الدول والشركات الأجنبية، من خلال استمرارها في التجارة مع المستوطنات غير القانونية، تسهم مباشرةً في الأزمة الإنسانية الناجمة عن استمرار الاحتلال الإسرائيلي المطوّل.
وقد جرى إطلاق الحملة والتقرير خلال ندوة عبر الإنترنت عُقدت اليوم، شارك فيها عدد كبير من الخبراء الاقتصاديين وأصحاب المصلحة الدوليين. وألقت السيناتور الأيرلندية المستقلة فرانسس بلاك—التي قادت في البرلمان الأيرلندي تشريعًا لحظر التجارة مع المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية -يحظى الآن بدعم الحكومة والمعارضة— كلمة رئيسية في الندوة. وشارك في الندوة كل من سامي الهُريني (ناشط مجتمعي من مسافر يطا)، ورجا الخالدي (المدير العام لمعهد ماس)، وزياد عنبتاوي (مصدّر فلسطيني للمنتجات الزراعية). وأدار الندوة إيتان دايموند، المدير والخبير القانوني الأول في مركز القانون الدولي الإنساني (ديكونيا).
تستهدف الحملة التجارة المرتبطة بالمستوطنات على وجه التحديد، نظرًا لما تمثله سياسات إسرائيل المتواصلة والمتصاعدة من قمع بحق الفلسطينيين في الضفة الغربية (بما فيها القدس الشرقية)، وما تسببه من تفتيت لاقتصادهم وتقويض لإمكان قيام دولة فلسطينية مستقبلية. ويُعدّ إنهاء التجارة مع المستوطنات خطوة ضرورية لصون حقوق الإنسان، وحماية سبل عيش الفلسطينيين، ووقف توسّع الاستيطان الإسرائيلي، وإنهاء الاحتلال غير المشروع.
خلال السنوات الأربع الماضية، سرّعت إسرائيل وتيرة أنشطتها الاستيطانية في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، مسجلةً ارتفاعًا كبيرًا في بناء المستوطنات والاستيلاء على الأراضي.
وقد تجاوزت الموافقات الأخيرة على بناء مستوطنات جديدة الأرقام القياسية السابقة، مسجلةً أعلى مستوى للتوسع الاستيطاني منذ اتفاقات أوسلو (1993–1995). ومنحت معظم هذه الموافقات لمستوطنات تقع «في عمق الضفة الغربية»، بما يزيد من تفتيت الأرض الفلسطينية ويقضي على أي آفاق لاقتصاد ودولة فلسطينية متّصلة وقابلة للحياة. كما أن إحياء مخطط «E1»—المجمّد منذ 2012 بسبب معارضة دولية واسعة—والمتضمن إقرار بناء 3,400 وحدة سكنية جديدة في كتلة استيطانية تربط القدس الشرقية بمستوطنة معاليه أدوميم، يؤدي عمليًا إلى قطع الحركة الفلسطينية بين شمال الضفة وجنوبها.
وأكّد مدير عام «ماس» رجا الخالدي في الندوة أهمية الحملة في إبراز تأثير الاقتصاد الاستيطاني على المجتمعات الفلسطينية وعلى الاقتصاد الوطني، وكيف يمكن لسياسات مثل وقف الاستثمار والتجارة معه أن تُسهم في صدّ التوسع المتواصل لهذا المشروع. وأضاف: «الهدف اليوم ليس محاسبة إسرائيل على الدمار الاقتصادي والمادي الذي تسبّبت به عبر عقود من الاحتلال ومشروع الاستيطان والحرب الإبادية الجارية، بل الهدف حماية الفلسطينيين».
وتشير الفتوى الاستشارية التي أصدرتها محكمة العدل الدولية في تموز/يوليو 2024 بوضوح إلى أن الحكومات التي تسمح بالتجارة مع اقتصاد المستوطنات شريكة في الإبقاء على المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية وتوسيعها، وبالتالي في إدامة الاحتلال غير القانوني للأرض الفلسطينية.
ويؤكد القائمون على الحملة أن التجارة مع المستوطنات لا تُسهم إلا في إضفاء شرعية عليها، رغم عدم قانونيتها بموجب القانون الدولي وما تشكّله من عقبة أمام السلام. وتُكلّف سيطرة إسرائيل الاقتصادَ الفلسطيني مليارات الدولارات سنويًا، فيما ارتفعت نسبة الفقر في الضفة الغربية من 12% إلى 28% خلال السنتين الماضيتين، وسُجّل معدل بطالة يبلغ 35% (تضاعف منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023).
وتجذب إسرائيل الاستثمارات إلى مستوطناتها في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، عبر حوافز تشمل عقود إيجار أراضٍ منخفضة التكلفة، ودعمًا للأجور والتكنولوجيا، وإعفاءات ضريبية، ومنحًا نقدية. ولا يزال الاتحاد الأوروبي أكبر شريك تجاري لإسرائيل، إذ يستحوذ على نحو 32% من تجارتها الإجمالية في السلع، بإجمالي حجم تجارة يبلغ نحو 42 مليار يورو سنويًا. وتُعدّ المملكة المتحدة من أكبر الشركاء التجاريين الأوروبيين لإسرائيل، بقيمة تجارة سنوية تقارب 6 مليارات جنيه إسترليني.
ويطالب القائمون على الحملة الدول—خصوصًا في الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة—بفرض حظر صريح على التجارة مع المستوطنات الإسرائيلية، بما في ذلك تقديم الخدمات والاستثمارات. كما يجب إلزام المصدّرين الإسرائيليين بتحديد منشأ السلع بدقة ومحاسبتهم على الادعاءات الكاذبة. وينبغي كذلك منع البنوك والمؤسسات المالية من تقديم القروض والائتمانات للشركات المقامة في المستوطنات والتي تموّل مشاريعها.