بيان صحفي - معهد ماس ينشر مذكرة سياسات أعدها العام 2020 حول العواقب الاقتصادية للقرار الإسرائيلي بضم محتمل لأراضي في الضفة الغربية
رام الله، 20 تشرين الثاني 2024: ضمن أنشطته الرامية لمتابعة وتقييم التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي يفرضها الاحتلال الإسرائيلي وبحث بدائل الاستجابة لها، برزت أخيراً التهديدات المتجددة من قبل "وزير الاستعمار" الإسرائيلي سموتريتش وشخصيات بارزة أخرى في الحكومة الإسرائيلية الحالية. على ضوءها قام ماس بمراجعة أعمال بحثية سابقة حول هذا الموضوع وجهود أخرى ذات علاقة أنجزت خلال العام 2020، العام الذي أصبح فيه التهديد بالضم ملموسا لأول مرة. بالإضافة إلى الأبحاث التي أجريت خلال الأعوام 2018-2020 حول التأثيرات الاجتماعية والاقتصادية لوقف المساعدات الأمريكية لفلسطين وللأونروا في ظل إدارة ترامب الأولى، والمخاطر التي تشكلها على السيادة الفلسطينية والدولة من خلال "رؤية السلام والازدهار" الأخيرة، والتي تناول معهد ماس أيضا فيها آثار امتداد السيادة الإسرائيلية (قانونيا وما إلى ذلك) إلى أجزاء من الضفة الغربية المحتلة في ورقة بحثية العام 2020 بعنوان "مواجهة العواقب الاقتصادية للقرار الإسرائيلي بضم أجزاء من الضفة الغربية".
في هذا السياق، ينشر المعهد اليوم مذكرة سياساتية حول الموضوع، أعدها ماس في العام 2020 على ضوء المداولات مع الخبراء، لم تنشر للجمهور في حينه، ننشرها اليوم في صورتها الأصلية، ذلك أن القضايا التي تم معالجتها آنذاك وخيارات الاستجابة لها تبدو هي نفسها وليست أقل أهمية اليوم من قبل خمس سنوات. في هذا السياق علق مدير عام المعهد، السيد رجا الخالدي، أنه "لم يتم عمل اللازم على صعيد التخطيط أو السياسات أو البرامج منذ بروز التهديد بالضم عام 2020 لتعزيز القدرة الاجتماعية والاقتصادية الفلسطينية على مقاومة أو منع الآثار السلبية. من جانبه، شرع معهد ماس في العام 2024 في مشروع بحثي شامل لتقييم الآثار والتكاليف الاجتماعية والاقتصادية للتوسع الاستيطاني الإسرائيلي، كونه المحرك الرئيسي لجعل الضم واقعاً. ستمضي قدما هذه العملية في الأشهر المقبلة إذا لم يضع المجتمع العالمي حداً للجنون الذي أصاب دولة إسرائيل منذ شنت حرب الإبادة الجماعية على فلسطين، والعنف الذي تنتهجه والذي سيولد حتماً المزيد من المقاومة من الشعب الفلسطيني بمختلف الوسائل".
مذكرة سياسات
حول نتائج لقاء الطاولة المستديرة رقم (6) حول
"مواجهة الآثار الاقتصادية للقرار الإسرائيلي بضم مناطق
من الضفة الغربية المحتلة"
عقد معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني (ماس) يوم الأربعاء الموافق 2/09/2020 لقاء طاولة مستديرة بعنوان "مواجهة الآثار الاقتصادية للقرار الإسرائيلي بضم مناطق من الضفة الغربية المحتلة". وقد شارك في الجلسة (40) مدعوا من ذوي الاختصاص والخبرة من القطاعين العام والخاص والمؤسسات الدولية.
ناقشت الورقة هذه المسألة من خلال ربط الأبعاد القانونية لهذا الضم المحتمل بالأبعاد الاقتصادية وتداعياتها وآثارها، وذلك بهدف أخذ خطوات استباقية لمواجهته قانونياً واقتصادياً بالتزامن مع تأجيله المؤقت، الأمر الذي من الممكن أن يؤدي إلى إلغائه نهائياً. وركزت الورقة على الآثار الاقتصادية المحتملة بحدها الأدنى لضم غور الأردن وشمال البحر الميت ومناطق "ج" تحديداً. أمام خطر الضم، إن لم يكن محدقا ووشيكا فإنه يبقى قرارا سياساتيا إسرائيليا، حتما ستسعى إسرائيل بكل قوتها لتنفيذه لا محالة، عاجلاً أم آجلاً، مما يستدعي موقفا فلسطينيا مختلفا عن كل المواقف السابقة التي لم تحدث التغيير المنشود في الظروف المادية لأهالي المناطق المستهدفة بالضم، ولا في تمكينهم من التصدي المباشر للاستعمار الزاحف.
وقد ثمن المعقبون والحضور الموقف الرسمي الفلسطيني والجهود التي بذلت سياسياً واقتصادياً لتعطيل تنفيذ هذا الضم من خلال كسب الدعم الدولي، والتأكيد على دعم المناطق التي تقع ضمن خارطة الضم. في هذا السياق، فإن التحرك أو التدخل المطلوب حاليا يجب أن يكون على مسارين، الأول قانوني وسياسي ودبلوماسي (وهذا ما لن تتطرق له هذه الورقة) والثاني، تدخلات اقتصادية استراتيجية تنموية وآنية إغاثية بهدف تعزيز الصمود على الأرض.
في هذا المسار الثاني، واستناداً للمعطيات الاقتصادية الخطيرة التي أبرزتها الورقة والنقاش، كان هناك توافق في الآراء على ضرورة تكثيف وتنسيق الجهود الوطنية في التحرك أو التدخل المطلوب حاليا تجاه هذه المناطق الحيوية المستهدفة للضم، من خلال:
- تحديث الخطة الوطنية 2014-2016 التي أعدتها وزارة التخطيط والخاصة بتنمية مناطق "ج"، ودمجها مع وثائق تخطيطية أخرى صدرت منذ ذلك الحين عن هيئة مكافحة الجدار والاستيطان وغيرها، وكذلك تفعيل الربط بين أهداف أجندات السياسات الوطنية واحتياجات المناطق المستهدف ضمها، ومباشرة العمل بما جاء فيهما بالتركيز على توسيع نطاق المشاريع والخدمات الحكومية لتشمل جميع المناطق الفلسطينية.
- تصميم التدخلات الاستثمارية والسياساتية ضمن إطار تنسيقي بين ثلاثة مستويات، هي:
- مستوى القاعدة، وهي تعتبر الموجهة والمحركة للتدخلات الإنمائية المحتملة كونها المستفيدة الرئيسية منها والمنفذة الأمامية لأية برامج أو مشاريع في هذه المناطق:
- المجتمعات المحلية في مختلف أنماطها ومناطق تواجدها.
- المجالس المحلية واللجان المحلية.
- الجمعيات الأهلية (زراعية، نسائية، تعاونية...) التي لها دور وساطة ميدانية مع السلطة والمانحين والقاعدة المحلية، بالإضافة لدورها في التوثيق والتعبئة الشعبية المحلية المساندة والدولية الصديقة.
- مستوى القيادة السياسية والمساندة، ودورها في تسهيل وتشجيع المعاملة التفاضلية لصالح المناطق المهددة:
- السلطة الوطنية: لها دور قيادي وتنسيقي وتعبوي وسياسي/ديبلوماسي في دعم القاعدة من خلال قوانين وإجراءات "محابية للفقراء" وترشيد التدخلات الإنمائية بحسب الأوليات المحلية والوطنية في آن واحد.
- القطاع الخاص و"رأس المال الوطني": مطلوب منه لعب دور ليس في القضايا الاقتصادية والاستثمارات الكبرى فحسب، بل أيضاً في التعامل مع احتياجات السكان والفرص الاستثمارية الصغيرة في مناطق "ج" ضمن رؤية تنموية وطنية وأعلى معايير المسؤولية الاجتماعية للشركات.
- مستوى الشركاء الداعمين والمناصرين الدوليين، لهم دور في التمويل، توثيق الأحوال والانتهاكات، الضغط السياسي والمناصرة، المسؤولية القانونية الدولية وتشمل كل من، دول مانحة، ومنظمات دولية، ومنظمات غير حكومية دولية، ومؤسسات حقوقية ومتضامنة دولية. لا بد من تكثيف وتنسيق العمل الفلسطيني تجاه هؤلاء المناصرين الذين ينتظرون منذ زمن مواقف فلسطينية حازمة، وجهود ميدانية هادفة وقيادة ديبلوماسية، ليسترشدو بها في مساعيهم وتدخلاتهم.
- تبني توجه إستراتيجي وبرنامج اقتصادي يشتمل على عدة تدخلات فورية مكملة لبعضها ويمكن الشروع بها:
- تكثيف الاستثمار السياحي في مناطق شمال البحر الميت.
- وضع خطة تنموية بعيدة المدى في مناطق الأغوار ودراسة إمكانية اعتبارها "منطقة اقتصادية خاصة"، نظراً لإمكانية التوسع العمراني والزراعي بها مقارنة بالمناطق الأخرى، من خلال إدخال طرف ثالث مستثمر وراعي من أجل ضمان توفر الزخم السياسي لتنفيذ مثل هذا التحول في وضع الأغوار من منطقة هامشية في الاقتصاد الفلسطيني إلى مركز للنمو الزراعي والسياحي وفي استغلال الموارد الطبيعية، فنجاحها سيشكل الدعامة الأساسية لتشكيل كثافة سكانية طاردة للاستيطان في مناطق الأغوار.
- تعميم قرية العقبة الواقعة شرق طوباس كنموذج يحتذى في باقي المناطق المعرضة للضم، والمناطق الواقعة في مناطق "ج"، والاستفادة من تجربتها المميزة. فقد اعتمد نجاح هذه التجربة على التعبئة على ثلاث مسارات: القانون والإعلام والدعم الدولي.
- دعم الهيئات المحلية ورفع قدراتها لتنفيذ المخططات الهيكلية والمشاريع التنموية، بالإضافة إلى ضرورة تشكيل هيئات محلية في مناطق "ج".
- توسيع الانتشار الزراعي بشقيه الحيواني والنباتي في مناطق "ج" والأغوار.
- توسيع الاستثمار والإسكان في مناطق "ب" كونها متاحة للاستثمار ولإحباط أي محاولة إسرائيلية للاستيلاء عليها مستقبلاً.
- دراسة مقترحات "ماس" السابقة لتنظيم فلسطين ضمن خمسة مجالس إقليمية لتخطيط التنمية، تفوضها الحكومة المركزية بأعمال التخطيط والتنسيق للخدمات وتركيز الاستثمارات على تعزيز الاقتصادات المحلية/الإقليمية، ما يعزز التوجه لبلورة رؤية تنموية مكانية فلسطينية تتصدى للرواية الإسرائيلية للحدود المطروحة في خطتها (مناطق "أ"، "ب"، "ج"، منطقة التماس، مناطق تم ضمها، ... إلخ).