بيان صحفي – تقديرات وفيات الإبادة الجماعية في غزة – تأملات في المنهجيات والنتائج
عقد معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني (ماس) جلسة تشاورية مغلقة بعنوان "تقديرات وفيات الإبادة الجماعية في غزة – تأملات في المنهجيات والنتائج"، وجاهياً في مقر المعهد وعبر تقنية الزووم، وبمشاركة مجموعة من المختصين وذوي الخبرة والاهتمام بالموضوع. قدمت الدكتورة زينة جمال الدين عرضاً لإحدى نماذج تقدير عدد الوفيات، وقدم كلاً من البروفيسور يوسف كرباج من جامعة باريس سوربون ودوفين، والسيد عائد ياغي مدير الإغاثة الطبية في قطاع غزة ومنسق القطاع الصحي في شبكة المنظمات الأهلية، والدكتور زكريا اللوح مستشار وزير الصحة للمحافظات الجنوبية مداخلاتهم وتعقيباتهم على نماذج تقديرات الوفيات على إثر العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
افتتح الجلسة السيد رجا الخالدي المدير العام للمعهد، مؤكدا على أهمية الموضوع في سياق محاولة تقصي الأعداد الحقيقية للشهداء في ظل العدوان، وتقديم فهم أشمل للتداعيات الكارثية لحرب الإبادة على قطاع غزة، وأيضاً في دعم التدخلات الحالية والمستقبلية الرامية لتخفيف حدة هذه التداعيات على الفلسطينيين. كما أكد الخالدي أن هذه الجلسة المغلقة حول هذا الموضوع هي الأولى بخصوص هذا الموضوع، حيث يأمل المعهد لفتح النقاش المستمر بهذا الخصوص والذي يقع في سياق أولويات المعهد في تركيز كامل جهده للاستجابة الى تبعات الحرب على فلسطين. واستعرض الخالدي مجموعة المُبادرات لتقدير أعداد الوفيات الناتجة عن القصف المُباشرة وكذلك المُصاحبة للسياسات الإسرائيلية في قطاع غزة كإغلاق المعابر أمام حركة الأفراد والبضاعة، والأدوية، والغذاء، وغيرها من الضروريات الصحية والحياتية، وكذلك التلوث الصحي والبيئي الحاصل جراء القصف والتدمير. وقد أشار إحدى هذه التقديرات المنشورة في مجلة "لانسيت" البريطانية إلى توقع وصول العدد إلى 186 ألف شهيداً منذ بداية العدوان وحتى شهر حزيران الماضي، أما رسالة حديثة صدرت عن 99 طبيب أمريكي تطوعوا في قطاع غزة، فقد قدّر الأطباء أن عدد الشهداء حتى شهر أيلول قد وصل إلى 118 ألف شهيداً.
قدمت الدكتورة زينة جمال الدين عرضاً مفصلاً حول نموذج "غزة في أزمة" الذي سعى في شهر شباط إلى تقدير عدد الوفيات حتى شهر آب. كما واستعرضت أبرز المؤشرات المستخدمة لنمذجة عدد الوفيات المباشرة وغير المباشرة على إثر العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، مُشيرة إلى أن نمط توجهات أعداد الوفيات إحصائياً تتشابه وتلك التي يُمكن مُلاحظتها في حالات الإبادة الجماعية في مناطق أخرى من العالم.
بدوره استعرض الدكتور اللوح أعداد الشهداء والمفقودين حتى تلك اللحظة، والتي تجاوز عددهم الخمسون ألف، منهم حوالي 10 آلاف تحت الركام. كما بيّن اللوح أن المعلومات التعريفية الكاملة لا تتوافر لجميع الشهداء، ويوجد لدى الوزارة معلومات شاملة عن حوالي 40 ألف شهيداً فقط. وسلط اللوح الضوء على حقيقة كون غالبية الشُهداء هم من النساء والأطفال، مُشيراً إلى أن ما يزيد عن 30 ألف طفلاً أضحوا أيتاماً على إثر العدوان، إضافة إلى أن 6% من مجموع الأطفال الشهداء يبلغون من العمر أقل من عام واحد.
تباعاً لذلك قدم البروفيسور يوسف كرباج قراءة اقتصادية-اجتماعية لمحاولات نمذجة وتقدير أعداد الوفياتـ مُشيراً إلى أن هُناك العديد من التداعيات الاقتصادية والاجتماعية للوفاة والحرب مثل الصحة، التعليم، الهجرة، وغيرها. من جانبه سلط ياغي الضوء على أنه على الرغم من وجود عدة جهات تقوم بجمع البيانات وإصدار الأرقام حول أعداد الوفيات، إلا أنه في الحقيقة لا أي آلية لتسجيل الوفيات غير المُباشرة على إثر العدوان الإسرائيلي، مُشيراً إلى أن هُناك آلاف الفلسطينيين في قطاع غزة الذين كانوا يُعانون من أمراضٍ مُزمنة وأن المُعدل السنوي للوفيات الطبيعية تبلغ 6 آلاف وفاة، وبالتالي يتوقع أن العدد وصل إلى خمسة أضعاف على إثر العدوان الإسرائيلي. ومن جانبه يتوقع أن أعداد الشهداء على إثر الوفيات غير المُباشرة تفوق أعداد اللذين استشهدوا أثناء القصف، والتي قد تفوق المئة ألف بشكل إجمالي.
أجمع الحضور على أهمية هذا الجلسة والموضوع، وضرورة استمرارية طرح هذا الموضوع بشكل أوسع. كما أكد الحضور على أنه من الضرورة وجود جهات تعمل على إحصاء الوفيات غير المُباشرة وذلك دعماً للجهور الرامية لوقف التداعيات الكارثية نتيجة حرب الإبادة. وأشار الحضور إلى أولوية هذه القضية ارتباطاً بعمليات التخطيط للتدخلات الحالية والمستقبلية.