التضخم المتوقع

Expected Inflation

 

الرقم القياسي لأسعار المستهلك هو متوسط أسعار مجموعة مختارة من السلع والخدمات الأساسية التي تعكس نمط استهلاك العائلة المتوسطة في بلد ما. ويطلق على مجموعة هذه السلع والخدمات اسم "سلّة الاستهلاك". ومعدّل التضخم هو معدّل الارتفاع في هذا الرقم القياسي بين تاريخين محددين. ويعبر معدّل التضخم عن التغير في القوّة الشرائية للدخل. إذ بافتراض ثبات الأجور والرواتب الاسمية، فإنّ تضخم الأسعار بمقدار 10% في السنة يعني أنّ القوّة الشرائية للدخول انخفضت بنفس النسبة.

يحظى التنبؤ بمعدّل التضخم بأهمية كبيرة لدى العملاء الإقتصاديين، إذ أنّه مؤشر على التطورات المتوقعة في الأجور والرواتب الحقيقية، كما أنّه مؤشر على العوائد الحقيقية التي يمكن للاستثمار أن يحققها في المستقبل. كما أنّ استهداف معدّل التضخم والحفاظ عليه ضمن هامش معين هو أحد أهم مؤشرات السياسات النقدية لعدد كبير من البنوك المركزية في دول العالم.

التضخم المتوقع في فلسطين

تقوم سلطة النقد الفلسطينية بشكل دوري بإصدار تقارير عن تنبؤات التضخّم في فلسطين. وتؤسس عملية التنبؤ على أرضيّة التحليل القياسي للعوامل المؤثرة على هذا المعدّل. ويقوم على افتراض أنّ التضخم في فلسطين يتبع عاملين رئيسيين. أولهما على المدى الطويل، وهو معدّل التغير في تكاليف الواردات، وثانيهما على المدى القصير ويرصد التقلبات في الأسعار العالمية.  يتم تقدير الارتفاع المتوقّع في أسعار الواردات باستخدام معدّل التضخّم المتوقّع في إسرائيل، نظراً لأنّ الجزء الأعظم من الواردات الفلسطينية يأتي من إسرائيل. أمّا بالنسبة إلى توقّع التغير في الأسعار العالمية فإنّ منهج سلطة النقد يستخدم التغير في أسعار الغذاء العالمية كمؤشر عليه. ويتم أخذ معدّلات الارتفاع المتوقعة في أسعار الغذاء العالمية من تقديرات صندوق النقد الدولي. ويجدر التنويه أنّ أهميّة أسعار الغذاء العالمية في التأثير على التضخّم في فلسطين ترتبط بالأهمية النسبية للمواد الغذائية في سلّة الاستهلاك الفلسطينية.

 مخاطر التنبؤ

 يترافق حساب توقّع معدّل التضخّم هذا مع ثلاثة أنواع من مخاطر خطأ القياس والتوقع:

  • أن تكون المنهجية المستخدمة للربط بين المتغيرين المستقلين من أجل استخلاص معدل التضخّم المتوقّع غير محكمة. ولتقليل أثر هذا الخطأ المحتمل يقوم تقرير سلطة النقد بتطبيق ثلاثة طرق مختلفة للحساب ثم أخذ المتوسط الذي ينتج عن هذه الطرق الثلاث (وهي النتيجة التي يطلق التقرير عليها اسم "سيناريو الأساس").
  • "الصدمات الخارجية": أن تكون توقّعات التحول في المتغيرين المستقلين (توقّع التضخّم في إسرائيل وتوقّع التبدّل في أسعار الغذاء العالمية) غير دقيقة أو غير صائبة. ولأخذ أثر التحوّلات الطارئة التي يمكن أن تصيب هذين المتغيرين يفترض التقرير أنّ القيمتين المتوقعتين لهما يمكن أن تتحول بمقدار انحراف معياري واحد، صعوداً وهبوطاً.
  • "الصدمات الداخلية": أن تطرأ تحوّلات داخلية تؤدّي إلى انحراف قوي في معدّل التضخّم الفعلي عن المستوى المتوقّع. وكمثال على ذلك قيام إسرائيل بعدوان واسع جديد أو إيقاف إسرائيل لتحوّيلات المقاصة كما حدث تكراراً في الماضي. وهنا أيضاً يأخذ التقرير احتمالات الصدمات الداخلية بعين الاعتبار وبشكل ضمني في النموذج القياسي المستخدم للوصول الى التنبؤات.

 

 

جدول (1) معدّلات التضخّم المتوقّعة في فلسطين (%)

 

الفرضيات

معدّل التضخّم المتوقّع (سينايو الأساس)

الارتفاع في أسعار الواردات

الارتفاع في أسعار الغذاء

ربع ثالث 2016

0.75

6.73

0.28

ربع رابع 2016

2.21

12.87

0.39

2016

0.23

3.54

0.26

ربع أول 2017

1.76

9.70

1.35

ربع ثاني 2017

2.00

0.24

1.09

ربع ثالث 2017

2.18

0.01-

0.92

ربع رابع 2017 

2.15

0.17-

1.07

2017

2.02

2.28

1.11

 

يسجّل الجدول (1) معدّلات التضخّم المتوقّعة في فلسطين على أرضية فرضيات معطاة عن الزيادة في أسعار الواردات وأسعار الغذاء. يتوقّع تقرير سلطة النقد مثلاً أن يبلغ معدّل التضخّم 0.4% تقريباً في الربع الرابع 2016 و0.3% في كامل العام 2016. وعند أخذ احتمالات الانحراف في توقّع الزيادة في أسعار الواردات وأسعار الغذاء (الصدمات الخارجية) بعين الاعتبار، فإنّ التضخّم المتوقّع خلال العام 2016 يحتمل أن يتراوح بين (-0.4% و+0.6%). أمّا عند أخذ احتمالات الصدمات الداخلية بعين الاعتبار أيضاً فإنّ هامش التوقّع يتّسع مزيداً ويصل إلى نصف نقطة معيارية إضافية، صعوداً وهبوطاً.

من الواضح أنّ التنبؤ بالتضخّم عملية محفوفة بمخاطر عدم اليقين، على الرغم من الاحتياطات التي يتم أخذها بالاعتبار ومن توسيع هامش التنبؤ. وهذا أمر تعاني منه كافة مؤسسات وهيئات التنبؤ في العالم، بما فيها تلك الأكثر عراقة والتي تستخدم نماذج تنبؤ بالغة التعقيد وتضم عشرات المتغيرات. ذلك لأنّ العوامل التي تؤثّر على التضخّم متعددة، ومتشعّبة المصادر، وذات تحوّلات اعتباطية إلى درجة عالية. ويكفي أن نشير إلى أنّ معدّل التضخّم المتوقّع في فلسطين في الربع الثاني 2016 تم تقديره في الربع الأول على أن يبلغ (+1%) حسب سيناريو الأساس (أي قبل أخذ التأثير المحتمل للصدمات الخارجية أو الداخلية)، في حين بلغ المعدّل الفعلي (-0.24%)، وجاء هذا لأنّ تكاليف الواردات (التضخّم في إسرائيل) انخفضت فعليا بمقدار 0.65% عوضاً عن أن ترتفع بمقدار 1.28% كما كان من المتوقع. ولكن هذا بطبيعة الحال لا ينفي أهميّة صياغة تنبؤات، بل يؤكّد ضرورة تطوير نماذج التنبؤ وتكرار عمليات التجربة والخطأ للوصول إلى توقّعات أكثر صواباً.

(نشرت في المراقب الإقتصادي، العدد 46 السنة 2016).