نشرة الأمن الغذائي - العددان 27-28 صيف 2023
يصـدر معهـد أبحـاث السياسـات الاقتصاديـة الفلسـطيني (ماس) نشـرة الأمـن الغذائـي منذ العام 2009 إسـهاماً منـه، ومن موارده الذاتية، فـي جهـود قطـاع الأمن الغذائي فـي فلسـطين. تهـدف النشـرة إلـى دعـم صانعـي القـرار والمؤسسـات العاملـة فـي مجـال تحسـين أوضـاع الأمـن الغذائـي فـي فلسـطين، وتشـكل مرجعـاً دوريـاً مفيـداً لاسـتعراض تطـورات القطـاع. ليست النشرة سوى أحد إسهامات المعهد البحثية والعلمية في الموضوع الذي استحوذ على اهتمام متواصل خلال السنوات الأخيرة، وبخاصة من خلال مشاريع بحثية مع شركاء المعهد، وبالأخص برنامج الغذاء العالمي، ومنظمة الأمم المتحدة للزراعة والأغذية.
يأتي هذا العدد الذي يغطي الفترة الزمنية صيف 2022 إلى صيف 2023، في ظل متغيرات عالمية حاسمة في تأثيرها على الأمن الغذائي، منها الحرب الروسية الأوكرانية، في تصعيد يبدو سريع وحاد للتغير المناخي وموجات الجفاف الجديد. تترافق مع المشهد المقلق سياسات الحماية التجارية التي هدفت إلى تقليص الكميات المصدرة من محاصيل أساسية في ظل تراجع الإنتاج. من المتوقع أن تترك هذه الاضطرابات في نظام الغذاء العالمي أثرها على طريقة تفكير صانعي السياسات، وفي إدارتهم وسياساتهم اتجاه إنتاج الغذاء وتوزيعه في العالم. من هذا المنطلق، تستعرض هذه النشرة قمة الغذاء العالمية المنعقدة في إيطاليا الشهر الفائت، التي طالبت بتحويل وتغيير في الأنظمة الحالية لتحقيق أمن غذائي أعلى، ونوقشت مقترحاتها على مستوى المناطق. في المقابل، صدرت عن العديد من الحركات الاجتماعية المهتمة "بالسيادة على الغذاء" أصوات مناهضة لسياساتها ومخرجاتها. تخوفت تلك الأصوات من مشاركة شركات الأسمدة الكيماوية والشركات الزراعية الكبرى المحتكرة للبذور وغيرها، ورأت أن مخرجاتها لا تزال تعبر عن مصلحة هذه الشركات على حساب صغار المزارعين. كذلك تعرض النشرة آخر المستجدات والتغيرات في أسعار الأغذية عالمياً، وفي السوق الفلسطيني التي يتم استعراضها دورياً، استناداً إلى بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، ومنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو).
تقدم النشرة قسماً خاصاً بمراجعة الأدبيات، وتتناول تقريراً صادراً عن منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعية (الفاو) حول التوسع الحضري، وتحويل النظم الغذائية الزراعية والغذائية، وهي موضوعات أساسية تم نقاشها في قمة الغذاء العالمية. كذلك تستعرض ورقتين بحثيتين؛ الأولى حول مسارات انعدام الأمن الغذائي في حالة الصراع: حالة الأراضي الفلسطينية المحتلة، التي تظهر بين نتائجها أن المصاعب السياسية في الأراضي الفلسطينية المحتلة وخيمة "إلى درجة تفوق التأثير على انعدام الأمن الغذائي، بل تتجاوزه، لتحد أيضاً من فعاليّة برامج الدعم الموجهة للتخفيف منه"، وهذا استنتاج صادم يستحق المزيد من الدراسة. الورقة الأخرى في هذا القسم تناقش تبعات الحرب الأوكرانية على الأمن الغذائي في منطقة الشرق الأوسط، كونه عاملاً حاسماً في التأثير على أسعار وتوفر سلع أساسية في منطقة الشرق الأوسط، على رأسها القمح المستخدم في صناعة الخبز الذي يعد غذاء رئيسياً في المنطقة.
فــي الوقــت الــذي يســتمر معهــد "مــاس" فــي رصــد تطــورات حالــة الأمــن الغذائــي بشــكل عــام فــي فلســطين، يعمــل المعهــد أيضــاً علــى تزويــد المهتميــن بتحليــل معمّــق وموســع للقضايــا ذات الصلــة، مــن خلال "المراقــب الاقتصـادي الربعـي"، إضافـة إلـى عـدد مـن الدراسـات السياسـاتية التحليليـة المعمّقـة حـول التمويـل الزراعـي وخسـائر الغـذاء والنظـم الغذائيـة وأهـداف التنميـة المسـتدامة ذات الصلـة. يضع المعهـد نهجـه الشـامل والمتعـدد التخصصـات، في خدمة جهود "قطاع الأمن الغذائي" الذي يجمع في إطاره التنسيقي مختلف الفاعلين والمعنيين في الملف، كمنبـر للبحـث والحـوار الشـامل حـول مختلـف القضايـا المعقـدة والبـارزة المؤثـرة فـي الأمـن الغذائـي والتغذوي.