نحو التعاون الاقتصادي والتكامل بين الفلسطينين على طرفي ”الخط الأخضر“ - تحليل سياسات

الكاتب: معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني (ماس)
السنة: 2023

أوضحت الدراسة التي أعدها معهد ماس، بدعم من المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات تحت عنوان »آفاق التعاون الاقتصادي والتكامل الفلسطيني على طرفي الخط الأخضر«، واقع السياسات الإرسائيلية الممنهجة وحقيقتها لإحباط النمو والتنمية لكل من طرفي اقتصاد الخط الأخضر.

نجحت هذه السياسة في إلحاق الاقتصاد الفلسطيني بالإسرائيلي وألزمته بالارتهان القسري خلال العقود الماضية. بمعنى أنها منعت تطور القطاعات الحيوية الاقتصادية الفلسطينية (لكلا الطرفين) في مجال الزراعة والصناعة والاستثمار بالتحديد، وقيدت التجارة ووضعتها في مسار يخدم المصالح الإسرائيلية، مع ملاحظة تنامي الفجوة في الدخل وفي كافة المؤشرات الاقتصادية بين الاقتصاد الإسرائيلي والفلسطيني. تسقط جميع نظريات الاندماج الاقتصادي اليبرالي عندما تصطدم بحقيقة الهيمنة الاستعمارية: بالاستناد إلى تجربة التقارب الاقتصادي (البطيء) في سد الفجوة بين الاقتصادين الفلسطيني والإسرائيلي خلال السنوات الخمسين الماضية، فوفقاً للبيانات المتاحة، ما زال الناتج المحلي الإسرائيلي في عام 2021 يعادل 13 ضعفاً من الناتج المحلي الفلسطيني، وهذا يعني أن الاقتصاد الفلسطيني في حاجة إلى عقود عديدة من الزمن لجسر الفجوة مع الاقتصاد الإسرائيلي. 

عطّل هذا الواقع كافة الجهود الفلسطينية الرسمية والفردية الشعبية على طرفيّ الخط الأخضر لتحقيق درجة من الاستقلالية الاقتصادية عن المركز الإسرائيلي، ونمو اقتصادي معقول ومستدام وتوزيع عادل للدخل والثروة. وأقصى ما جرى تحقيقه من خلال علاقات التبادل الاقتصادي حتى الان هو ظاهرة الثراء الفردي وغياب معالجة الإفقار الجماعي. في السياق ذاته، حتى الامال التي رفع سقفها فترة طويلة اتفاق باريس الاقتصادي في اتجاه إعادة هيلكة الاقتصاد الفلسطيني وتعزيز ترابطه مع الاقتصاد العربي أو اقتصاد الداخل الفلسطيني، قد تحطمت وتبعثرت بفعل السياسات الإسرائيلية، وذهبت العديد من الجهود في مهب الريح واندثؤت معها الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للشعب الفلسطيني وأبقت اقتصاده مشوّهاً وضعيفاً.

وقد أوضحت نتائج البحث الميداني الذي أجري في إطار هذه الدراسة وجود صعوبات لدى المنشآت العربية داخل الخط الأخضر في تسويق المنتجات في المناطق الفلسطينية المحتلة عام 1967، وفي استيراد المواد الخام وفي تشغيل عمالة فلسطينية، وكذلك في الاستثمار والتعاون مع القطاع البنكي أو شركات التأمين الفلسطينية في مناطق ولاية السلطة الوطنية الفلسطينية. فضلاً عن صعوبات مرتبطة بالحصول على تمويل وضعف الاتصال والتعاون مع الجهات الفلسطينية لتطوير المنشآت العربية في الداخل ( غرف تجارية، اتحاد صناعات ومؤسسات حكومية). 

إن عدم الاستقرار السياسي، الأمني والاقتصادي في مناطق السلطة الفلسطينية يمثل عامل ردع إضافي لاستثمار فلسطينيّي الداخل في الاقتصاد الفلسطيني المنتج أو في التسوق في مدنها. وهناك العديد من التعقيدات القضائية والإجرائية لتسجيل الشركات أو امتلاكها وإدارة الحسابات المصرفية، وغياب منظومة دعم حكومي وضريبة لتشجيع الاستثمارات العربية في مناطق ولاية السلطة. 

تحميل الملف