الأبعاد التنموية لتفعيل استمارة السجل الوطني الاجتماعي - جلسة طاولة مستديرة 2

الكاتب: معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني (ماس)
السنة: 2023

تسـتثمر الحكومـات فـي جميـع أنحـاء العالـم فـي الحمايـة الاجتماعيـة للحـد مـن الفقـر وحمايـة سـكانها مـن مختلـف المخاطـر والصدمـات. ونظـرا للتنـوع الكبيـر فـي أنظمـة الحمايـة الاجتماعيـة، والترتيبـات غيـر المنسـقة فـي كثيـر مـن الأحيـان لإدارتهـا، فـإن ضمـان وصـول أشـكال الدعـم الصحيحـة إلـى الأشـخاص المناسـبين فـي الوقـت المناسـب يمثـل تحديـا كبيـرا.

يمكــن لنظــم المعلومــات الرقميــة القــادرة علــى إدارة كميــات كبيــرة مــن البيانــات ودمجهــا أن تحســن بشــكل كبيــر اســتهداف المسـاعدات الاجتماعيـة. غالبـا مـا تعتمـد هـذه الأنظمـة علـى السـجلات التـي تحتـوي علـى معلومـات ديموغرافيـة واجتماعيـة واقتصاديـة حـول الأشـخاص الذيـن يتلقـون بالفعـل المسـاعدة الاجتماعيـة ”سـجلات المسـتفيدين“ أو الذيـن يمكـن أن يكونـوا مؤهليـن فـي المسـتقبل ”السـجلات الاجتماعيـة“. عندمـا تحتـوي هـذه السـجلات علـى بيانـات صحيحـة ونوعيـة، فيمكـن لهـا أن تسـهل كل مـن محاربـة الفقـر والاسـتهداف الفئـوي.

مـن الناحيـة المفاهيميـة، يمكـن تصـور السـجلات الاجتماعيـة كأدوات للسياسـة الاجتماعيـة توفـر بوابـة إلدمـاج محتمـل فـي برنامــج الحمايــة الاجتماعيــة الحكومــي، بالإضافــة إلــى كونهــا نظــم معلومــات مــن الناحيــة التشــغيلية والوظيفيــة، وكنظــام للإدمــاج الاجتماعــي. تطــورت الســجلات الاجتماعيــة فــي مقاصدهــا الشــمولية ونطــاق تغطيتهــا بمــرور الوقــت.

ومــع ذلــك، فـإن تغطيـة السـجلات الاجتماعيـة تختلـف باختـلاف البلـدان. ففـي بعـض البلـدان مثـل باكسـتان وتشـيلي، تغطـي السـجلات الاجتماعيـة شـريحة كبيـرة مـن السـكان. فـي بلـدان أخـرى مثـل الجبـل الأسـود وإندونيسـيا وتركيـا، تمتـد التغطيـة إلـى ثلـث أو نصــف الســكان (2020, Azad.) ومـع ذلـك، فـإن قبـول المتقدميـن الجـدد وتسـجيلهم يواجهـه العديـد مـن التحديـات التـي تتـراوح بيـن انخفـاض مسـتوى معرفـة القـراءة والكتابـة للمسـتفيدين المحتمليـن، وتكلفـة وتصميـم برامـج التوعيـة واإلرشـاد، وآليـات القبـول والتسـجيل فـي البيئـات فقيـرة المـوارد، والحيـز المالـي المتـاح، واألولويـات السياسـية للحكومـة )المصـدر السـابق(.

فلسـطينيا، تبنـت اسـتراتيجية قطـاع الحمايـة االجتماعيـة لألعـوام 2023-2021 مبـادئ التحـول مـن اإلغاثـة إلـى التنميـة، والنهـج المبنـي علـى الحقـوق، ومفهـوم الفقـر متعـدد الأبعـاد، ومنهجيـة إدارة الحالـة. وكانـت رؤيـة قطـاع التنميـة الاجتماعيـة كالتالـي: ”مجتمــع فلســطيني منيــع ومتضامــن ومنتــج ومبــدع، يوفــر حيــاة كريمــة مســتدامة لــكل الأســر والأفــراد، ويحــرر طاقاتهــم، . وانبثــق عــن هــذه الرؤيــة ثلاثــة أهــداف أساســية وهــي: الحــد 2 ويؤمــن بالحقــوق والمســاواة والعدالــة والشــراكة والإدمــاج“ مــن الفقــر بأبعــاده المختلفــة، تدابيــر حمايــة اجتماعيــة شــاملة وفاعلــة، ومؤسســات التنميــة الاجتماعيــة مختصــة ومســتجيبة لاحتياجـات المجتمـع، وتعزيـز المسـاءلة الاجتماعيـة.

كأحــد خطــوات الســير باتجــاه تحقيــق مــا ســبق، أعلنــت وزارة التنميــة الاجتماعيــة الفلســطينية عــن خطتهــا إطــاق الســجل . يأتــي هــذا الســجل ضمــن خطــة 3 الوطنــي الاجتماعــي الموحــد، والــذي تــم اعتمــاده مــن مجلــس الــوزراء نهايــة العــام 2021 عمـل شـمولية تتبناهـا وزارة التنميـة الاجتماعيـة لبنـاء شـبكة حمايـة اجتماعيـة كاملـة فـي فلسـطين قـادرة علـى مواجهـة الفقـر بأبعـاده المتعـددة. تهـدف الـوزارة مـن إطـاق هـذا السـجل إلـى تأميـن الوصـول إلـى الخدمـات التـي تقدمهـا ضمـن مبـدأ العدالـة والمســاواة، كذلــك ســيضمن توحيــد طريقــة العمــل علــى مســتوى كافــة البرامــج التــي تقدمهــا الــوزارة لجميــع المســتهدفين. بـدأت الـوزارة العمـل علـى السـجل نهايـة العـام 2019 وهـو جـزء مـن مشـروع الحمايـة الاجتماعيـة الممـول مـن البنـك الدولـي والـذي بـدأ منـذ العـام 2017 .يأتـي السـجل كقاعـدة أو بنيـة تحتيـة أساسـية لتحقيـق رؤيـة وزارة التنميـة الاجتماعيـة بالتحـول مـن العمـل الإغاثـي إلـى العمـل التنمـوي واعتمـاد مفهـوم الفقـر متعـدد الأبعـاد.

تعــد الســجلات بمختلــف أنواعهــا أمــرا لا غنــى عنــه فــي تنفيــذ مخططــات وأنظمــة الحمايــة الاجتماعيــة. فــي هــذه الورقــة، نقـوم باستكشـاف الأبعـاد التنمويـة للسـجل الوطنـي الاجتماعـي الموحـد، وهـو نـوع مـن السـجلات يسـتخدم بشـكل متزايـد فـي تنفيـذ برامـج الحمايـة الاجتماعيـة المسـتهدفة للفقـر فـي البلـدان المنخفضـة والمتوسـطة الدخـل. علـى الرغـم مـن أن هـذا النـوع مـن السـجلات نـادرا مـا يتـم مناقشـته، إلا أنـه يمثـل قضيـة تصميـم تقنيـة أخـرى فـي مجـال الحمايـة الاجتماعيـة والتـي تعتبـر سياسـية بعمـق وتؤثـر علـى درجـة إدراج أعـداد كبيـرة مـن الرجـال والنسـاء والفتيـات والفتيـان أو اسـتبعادهم مـن الحمايـة الاجتماعيـة. نعتقـد أن هـذه المسـألة لا يجـب أن تتـرك للخبـراء التقنييـن لحلهـا أو مناقشـتها ولكنهـا تحتـاج إلـى مشـاركة كاملـة مـن صانعـي السياسـات.مـن الحمايـة الاجتماعيـة. نعتقـد أن هـذه المسـألةلا يجـب أن تتـرك للخبـراء التقنييـن لحلهـا أو مناقشـتها ولكنهـا تحتـاج إلـى مشـاركة كاملـة مـن صانعـي السياسـات.

تحميل الملف