مستقبل العمالة الفلسطينية في سوق العمل الإسرائيلي في ضوء الحقائق الاقتصادية والسياسية - ملخص سياساتي العدد (6)

الكاتب: وليد حباس, عصمت قزمار
السنة: 2022

شهد العقد الماضي ارتفاعا مضطردا في عدد العاملين الفلسطينيين في إسرائيل ونسبتهم من إجمالي العاملين. وفقا لإحصائيات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، ارتفع عدد العاملين في إسرائيل من 78 ألف عاملا بنهاية العام 2010 (الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، 2011) ليصل إلى 173,400 في الربع الأول من 2022 ، بالإضافة إلى 31 ألف يعملون في المستوطنات الإسرائيلية (الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، 2022) . شهدت السنوات الخمس الأخيرة الارتفاع الأكبر والأسرع، وهو ارتفاع لم يشهده الاقتصاد الفلسطيني منذ عقدين، بل يفوق العدد الإجمالي اليوم ما وصل إليه في العام 1999 ، حين كان يعمل قرابة 140 ألف فلسطيني (من الضفة الغربية وقطاع غزة) في الأسواق الإسرائيلية، شكلوا حينها 22.9 % من إجمالي العاملين (الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، 2000). بينما شكل دخل العمالة في إسرائيل 6% من الدخل القومي الإجمالي الفلسطيني العام 2011 ، زاد الاعتماد على هذه العمالة خلال السنوات الأخيرة لتصل نسبة دخل العمال في إسرائيل في العام 2021 إلى 15% من الدخل القومي الفلسطيني، وهي نسبة لم نشهدها منذ تأسيس السلطة الوطنية الفلسطينية (وتصل ما يقارب 3 مليار دولار).

أما اليوم، تشير البيانات الربعية الصادرة عن جهاز الإحصاء، أن قيمة تعويضات العاملين في إسرائيل قد بلغت خلال الربع الأول من العام نحو 945.9 مليون دولار، أي ما نسبته 16 % من الدخل القومي الإجمالي. من المتوقع أن تصل تعويضات العاملين من إسرائيل هذا العام ما بين 3.4 و 3.8 مليار دولار.


في 18 كانون أول 2016 ، أصدرت حكومة نتنياهو قرار حكومي رقم 2174 بعنوان “زيادة حجم توظيف العمال الفلسطينيين في إسرائيل من منطقة يهودا والسامرة، وتحسين طريقة إصدار تصاريح العمل وضمان ظروف عمل عادلة للعمال الفلسطينيين”. على الرغم من وجود عشرات القرارات الحكومية خلال العقد ونيف الأخيرين، بالإضافة إلى المداولات المستمرة في لجان الكنيست وداخل أجهزة الدولة المختلفة، يبدو أن هذا القرار يؤسس لمرحلة تحاول إسرائيل من خلالها انتهاج سياسة جديدة فيما يخص العمال الفلسطينيين، ويمكن تلخيص هذه السياسة في ثلاث محاور، كما هو واضح من عنوان القرار نفسه:

  1. زيادة حجم العمال الفلسطينيين، خصوصا في قطاع البناء، وابتداء من العام 2022 البدء بتخصيص كوتا للعمال الفلسطينيين القادمين من غزة.
  2. تغيير طريقة إصدار التصاريح والتي يلعب السماسرة فيها دورا ملموسا في استغلال العمال، واقتطاع جزء من أجورهم.
  3. تغيير ظروف العمل من خلال تطوير نظام دفع أجور العمال بحيث يتم تدريجيا استبدال آليات الدفع النقدي بآليات دفع بنكية عن طريق حوالات ما بين البنوك الإسرائيلية والفلسطينية.

تشكل هذه المحاور الثلاث مجتمعة، والواردة بشكلها الأولي في قرار 2174 ، الأرضية التي تبنى الحكومة الإسرائيلية عليها سياساتها تجاه العمال الفلسطينيين منذ العام 2016 حتى يومنا هذا. فقد تم البناء على هذا القرار من خلال رزمة قرارات أخرى لاحقة، بحيث أن السياسات الإسرائيلية المتعلقة بالعمال الفلسطينيين، على ما يبدو، ظلت ثابتة وتسير في هدى قرار 2174 على الرغم من تبدل الحكومات الإسرائيلية منذ العام 2016 .


يترافق كل ذلك مع دعاية إسرائيلية ممنهجة وحثيثة، تقودها الإدارة المدنية الإسرائيلية، تعمل على إظهار إسرائيل بمظهر الحريص على سلامة العمال وحقوقهم، وقدرتهم على الحصول على عمل، وتقدم نفسها كراعي وبديل للسلطة الوطنية الفلسطينية، قادر على الاستجابة لاحتياجات الناس والاقتصاد. إلا أنها لا تنسى دائما الربط بين شرط استمرار الهدوء، والخضوع لسيطرة الاحتلال، وبين قدرة الفلسطينيين على الدخول للعمل في إسرائيل. كما أنها لا تتوانى عن التراجع عن أي من الخطوات التي تعلنها عند أول حدث أمني، كما حصل مؤخرا في حالة تصاريح قطاع غزة.

تحميل الملف