القطاع المصرفي الفلسطيني أمام آثار عام من الحرب (ملخص سياساتي 9)
خلال مجموعة من الممارسات والتدابير والانتهاكات الممنهجة وواسعة النطاق، وذلك منذ تجدد حرب الإبادة على قطاع غزة، تمثلت في استهداف كافة مناحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية بما فيها تضييق قبضته على الاقتصاد الفلسطيني وتعزيز التشوهات الهيكلية الناتجة عن 76 عاما من النكبة، و 56 عام من الاحتلال. قد طالت السياسات الممنهجة للاحتلال جميع القطاعات الاقتصادية، بما فيها القطاع المصرفي الذي شهد في الأشهر الماضية التهديد المتكرر لمشهد قطع العلاقة بين البنوك الفلسطينية والبنوك المراسلة الإسرائيلية، بما يهدد الاستقرار المالي والقدرة على تسوية المعاملات المالية والتجارية. هذا بالإضافة إلى سياسة العقاب الجماعي، والمالي وتضييق الخناق لأسباب سياسية وسرقة أموال المقاصة الفلسطينية بنسب متفاوتة ومختلفة، ووقف تحويلها إلى الحكومة الفلسطينية.
لقد فاقمت حرب العدوان من التحديات التي تواجه القطاع المصرفي، خاصة مستويات عدم اليقين العالية وقيود الوصول للأسواق العالمية وتكاليف النقد الفائض من الشيكل الإسرائيلي، حيث كان لها أثر واضح على المؤشرات المصرفية الكلية والعمليات التشغيلية للمصارف وأرباحها، ومخصصات المخاطر ونسبة القروض المتعثرة ومستويات الانكشاف لأزمة المالية العامة. بالإضافة إلى الخسائر الناتجة عن تدمير جميع المنشآت المصرفية، كما أن القطاع المصرفي خسر معظم أصوله الثابتة في قطاع غزة، حيث تحتسب البنوك قيمة هذه الأصول كخسائر على مراكزها المالية. إن خسائر المحفظة الائتمانية تضاف إلى مجموع الخسائر، إذ قدُُر حجم المحفظة المتعثرة في قطاع غزة بنحو ق مليار دولار. لقد استمرت المصارف، ولم تتوقف منذ بدء الحرب، بتحمل المصاريف التشغيلية مثل رواتب وأجور الموظفين.
في الضفة الغربية أدت العقوبات والقيود التي نفذها الاحتلال منذ تشرين أول 2023 إلى تحديات غير مسبوقة في توفر السيولة وارتفاع احتياجات التمويل وتفاقم المشاكل المالية التي يعاني منها أبناء الشعب الفلسطيني، شمل ذلك ارتفاع نسبة القروض المتعثرة، في ظل تراجع الدخل والظروف الاقتصادية الصعبة. من المتوقع أن تشهد المزيد من التراجع مع نهاية عام 2024 وأن تنتقل بعض المصارف من الربحية إلى الخسارة، الأمر الذي سيؤثر سلبا على جودة الأصول المصرفية ويقوض الاستقرار المالي. هذا يستدعي الموازنة بين تعزيز قدرة المصارف على التصدي للصدمات وتوفير الأدوات المالية اللازمة لمساعدة الفلسطينيين على تغطية احتياجاتهم المتزايدة للسيولة وحماية مدخراتهم ودخلهم.
عملت سلطة النقد، منذ بدء العدوان، على تقديم الدعم اللازم للمصارف، والتأكد من تطبيق المعايير الدولية في مجال الاعتراف بالخسائر بالوقت المحدد والتحوط، وقامت بكافة الاختبارات الضاغطة لفحص قدرة الجهاز المصرفي على تحمل سيناريوهات مختلفة للتعامل مع تداعيات الحرب. أظهرت هذه الاختبارات أن الجهاز المصرفي قوي ومتين، ويتمتع بالملاءة المالية اللازمة لمواجهة التحديات المختلفة والحفاظ على نسبة كفاية رأسمال ومستويات سيولة تتوافق مع المتطلبات التنظيمية المقُُرة بموجب التعليمات والممارسات الفضلى.
تهدف توصيات هذا الملخص إلى تعزيز استقرار النظام المالي الفلسطيني، وزيادة ثقة المواطنين بقدرة القطاع المصرفي على الصمود والاستمرار، وزيادة مرونة النظام المصرفي في مواجهة الأزمات المستقبلية، في سياق تقييم أثر الحرب على مؤشرات أداء وربحية القطاع المصرفي. كذلك تتناول توصيات الملخص آخر التطورات في علاقة المصارف العاملة في فلسطين مع البنوك المراسلة الإسرائيلية، والتداعيات المحتملة لتوقفها، بالإضافة إلى إبراز التحديات لمشكلة فائض النقد من الشيكل وما ينتج عنها من خسائر ومشاكل في القطاع المصرفي، وتعزيز سبل مساهمة القطاع المصرفي في خطط التعافي المستقبلية وتعزيز صمود الفلسطينيين.