ماس يناقش مُوَاءَمةٍ مُخْرجاتِ التَّعليمِ مَع احتِيَاجَاتِ سُوقِ العَملِ فِي فِلَسطين - في لقاء الطاولة المستديرة الثامن لعام 2022

02 نوفمبر 2022

 

رام الله، الأربعاء، 2 تشرين الثاني 2022: عقد معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني (ماس) لقاء طاولة مستديرة بعنوان " نحو مواءمة فعّالة لمخرجات التعليم مع احتياجات سوق العمل في فلسطين" بمشاركة مجموعة من المختصين وذوي الخبرة والمهتمين، وجاهياً في مقر المعهد وعبر تقنية الزووم. أعد الورقة الخلفية الباحث الدكتور سمير عبد الله، وقدم كل من السيد عزمي عبد الرحمن مدير عام السياسات العمالية في وزارة العمل، والسيد عماد سالم مدير دائرة سوق العمل في الهيئة الوطنية للتعليم والتدريب المهني والتقني (TVET)، ود. سارو نكشيان المدير التنفيذي للمؤسسة الفلسطينية للتعليم من أجل التوظيف، ود. رأفت الجلاد عميد كلية الاقتصاد والعلوم الاجتماعية في جامعة النجاح الوطنية، مداخلاتهم وتعقيباتهم على ورقة النقاش.

افتتح الجلسة المدير العام للمعهد السيد رجا الخالدي مؤكدا على أهمية الموضوع خاصة أنه يتطرق إلى موضوع ذا أولوية كبيرة لصانع القرار وللمؤسسات التعليمية وكافة الجهات التي لها علاقة بتعزيز سوق العمل في فلسطين. وذكر أن هذه الورقة تأتي أيضا في إطار اهتمام المعهد بمتابعة القضايا الاقتصادية والاجتماعية المستجدة، حيث يعقد المعهد لقاءات الطاولة المستديرة الدورية لمناقشة هذه المواضيع باعتبارها أحد الأدوات لاقتراح توصيات سياساتية تفيد في عملية صنع القرار بما ينعكس إيجاباً على الاقتصاد والمواطن الفلسطيني. وتوجه الخالدي بالشكر لشركة الاتصالات الفلسطينية (بالتل) على دعمها لهذا اللقاء.

 

ورقة ماس الخلفية

في إطار عرض الورقة، بين د. سمير عبد الله أن هذا الموضوع حظي باهتمام معهد "ماس" خلال السنوات القليلة الماضية، من خلال عدة دراسات للوقوف على حجم المشكلة، وخصائصها، وتأثيرها، وطرق مواجهتها في عدة قطاعات من بينها البناء والإنشاءات، والصحة، والسياحة، والصناعة. وبين عبد الله أن هذه الأبحاث اعتمدت على مسوحات ميدانية للمشغلين ومقابلات معمقة مع الخبراء، للوصول إلى معلومات عن نقص المهارات وفجواتها في القطاعات المبحوثة، وقدمت مقترحات بشأن علاجها. لغرض قياس فجوة المهارات، بيّن الباحث بأنه تم العمل على تصنيف الوظائف إلى وظائف عليا، وسطى، ودنيا، كما تم تصنيف المهارات إلى مهارات حياتية، معرفية، وفنية. علما بأنه لم يتم فحص الفجوة والنقص في الوظائف الدنيا بسبب بساطة المهارات التي تتطلبها. سمح هذا التصنيف بالتعرف على طبيعة النقص والفجوات في المهارات التي تعاني منها القطاعات المدروسة.

 

أشار الباحث إلى أن أزمة نقص وفجوة المهارات ظاهرة عالمية بدأت بالانتشار في جميع الدول المتطورة والنامية، وهي آخذة في الاتساع والتسارع بسبب عجز منظومة تأهيل الموارد البشرية عن تسليح الفتيات والفتيان بمهارات الوظائف الجديدة الناشئة بتأثير التطور التكنولوجي المتسارع وأتمتة الإنتاج واستخدام الروبوت والذكاء الاصطناعي. فإحلال الآلات مكان العمل البشري أدى إلى ظاهرة اختفاء الكثير من الوظائف وولادة وظائف جديدة، واضحت القوى العاملة التي حلت الآلات مكانها مضطرة للارتقاء بمهاراتها، أو تعلم مهارات جديدة للفوز بفرص العمل الشحيحة. أما المشغلون، فباتوا مضطرين لتدريب بعض العاملين لديهم، وتسليحهم بمهارات تشغيل التقنيات الجديدة، و/أو شغل الوظائف الجديدة الناشئة في مؤسساتهم.

 

مواجهة تحديات الأزمة:

بين الباحث أن هناك ما يشبه الإجماع على ضرورة مواجهة أزمة فجوة المهارات في جميع الدول تقريباً، وشملت تلك القضايا التركيز على إصلاح وتطوير قطاع التعليم باعتباره ساحة المواجهة الرئيسية لعلاج الأزمة، أو، بكلمات أخرى، تحقيق التواؤم بين المهارات المعروضة والطلب عليها في سوق العمل. وأشار أن المطلوب تزويد السوق بالمهارات المطلوبة في المرحلة الرابعة للثورة الصناعية، أي تسليح الأجيال الجديدة بمهارات المرحلة القائمة الآن والمستقبلية، أو ما يدعى بمهارات القرن الواحد والعشرين، لإنقاذ اقتصادات العالم مما يطلق عليه "أزمة المهارات".

 

التوصيات العامة للورقة:

أشار عبد الله إلى أن هناك مجموعة من التوصيات العامة التي من شأنها إصلاح وتطوير السياسة التعليمية بما يتلاءم مع احتياجات سوق العمل الفلسطيني في القرن الواحد والعشرين، بما يشمل:

  • تطوير وتوطين واعتماد خصائص التعليم المطلوبة.
  • إدخال مهارات التعليم (Learning Skills) الرئيسية، أي (4Cs) والناعمة (life skills) في مناهج التلاميذ في مراحل التعليم المختلفة.
  • تطوير واعتماد خصائص معلم القرن الواحد والعشرين ودوره والاهتمام بشروط تعيينه وتأهيله وتوفير احتياجاته وتغيير دوره ليكون ميسراً ومحفزاً وملهماً لطلابه.
  • التركيز على اعتماد وتطوير المهارات المطلوبة لسوق العمل الحالي والمستقبلي.
  • اعتماد وتطبيق نماذج التعليم الجديدة التي تتمحور حول الطالب، وتحفزه على المشاركة والتعلم مدى الحياة.
  • تطبيق نموذج التلمذة المهنية للتعليم والتدريب المهني، بالتعاون والشراكة مع شركات القطاع الخاص والحكومة.
  • ربط التعليم والتدريب المهني بالجامعات، وفتح برامج تعليم وتدريب مهني فيها، لرفع مكانة وجودة التعليم المهني، والتخلص من عقدة النظرة الدونية للتعليم المهني.
  • اعتماد وتطبيق نظام توصيف مهني لخريجي الكليات والمدارس والمراكز المهنية، والاعتراف بمهاراتهم وتمييزهم في سوق العمل عن المشتغلين في أنشطة ووظائف دون تلقي التعليم والتدريب المطلوب لإتقانها.

 

من جانبه أشار السيد عزمي عبد الرحمن إلى أن هنالك إجماع كبير على أن اكتساب المهارات يكون بعد دخول المهنة، وأن كل القطاعات تحتاج لعمال مهرة، ولا سيما القطاع الزراعي الذي يعد من أشد القطاعات حاجة لعمال مهرة وذلك لأهميته ولحاجته للتنوع والتطوير. إذ نوه إلى أن القطاع الإنتاجي الزراعي هو أساس الاقتصاد الفلسطيني في الماضي وفي الوقت الحاضر. وبين عبد الرحمن أن منظومة التعليم والتدريب المهني والتقني أصبحت أولوية للحكومة الحالية وهذا ما نتج عنه تأسيس الهيئة الوطنية للتعليم والتدريب المهني والتقني، وأن الإدارة العامة للتدريب المهني موجودة قديما وتم تطويرها ولديهم نتائج ملموسة وهناك 17 مركز مهني حكومي يعمل على تحسين المهارات في العديد من المهن. كما بيّن أنه ومن خلال التدخلات الجديدة في التنسيق بين التعليم والتدريب أصبح هناك دمج بين التعليم والتدريب وتم إلغاء تخصصات تعاني من البطالة وتم إضافة تخصصات جديدة ضمن التعليم القائم. بالإضافة إلى أنه تم إطلاق الاستراتيجية الوطنية للتشغيل وتم نسجها من خلال حوار اجتماعي فعال وكذلك تم تشكيل لجنة وطنية أخرى لمتابعة هذه الاستراتيجية، وأوضح أن وزارة العمل ومنظمة العمل الدولية تقود العمل على برامج العمل اللائق لتطوير قطاع العمل، وتم الوصول لتشريعات. وبين أيضاً أن الاحتلال هو السبب الأول والرئيسي في تشويه سوق العمل، وهو المعيق الأول والمسبب لمعيقات الاقتصاد الفلسطيني التي جعلت عملية المواءمة بين العمالة والتعليم غير مناسبة. حيث أن قطاع العمل الإسرائيلي هو الأساس في استيعاب المهارات وتم جذب كافة العاملين وبالتالي أصبح هنالك نقص وتشويه في السوق الفلسطيني بسبب ذلك.

بدوره أكد سالم على ضرورة وجود علاقة حقيقية بين القطاع الخاص وقطاع التعليم والتدريب المهني، وأنه تم تحديد 5 قطاعات أساسية: قطاع الطاقة المتجددة وقطاع الإنشاءات، وقطاع الزراعة وقطاع السياحة وقطاع الفحص التقني للمركبات. وبين أن الهيئة تؤكد على الحاجة لإضافة مهارات الخضرنة والرقمنة ومهارات اللغة الإنجليزية لملتحقي برامج التعليم والتدريب المهني وكذلك المهارات الحياتية وتعزيز الفجوة بين المشغِل والمشغَل. وأوضح أن هنالك عدم تنسيق في العمل بين مؤسسات التعليم المهني والقطاع الخاص والوزارات الحكومية وتم عمل مسودة لقانون التعليم المهني والتقني، وكذلك يتم العمل على عدم اقتصار بعض المهن على الذكور ويجب مشاركة النساء في هذا النوع من المهن.

فيما دعا السيد سارو نكشيان إلى ضرورة أن يكون هنالك قائمة استرشادية حول ماهية التخصصات المطلوبة في سوق العمل، ليسترشد بها الطلاب قبل عملية اختيار التخصص، وبين أن المؤسسة الفلسطينية للتعليم من أجل التوظيف تستهدف الطلاب والخريجين، وتقوم بعمل تدريبات تستهدف طلاب الجامعات بخصوص تعريف الطلاب بسوق العمل، وكيفية الدخول إلى هذا السوق. وهنالك برامج تستهدف الخريجين وتدريبهم بخصوص المهارات الحياتية ومهارات الاتصال والتواصل وكيفية الاستمرار في الوظيفة. وكذلك هنالك برامج تقدم التدريب التقني أي التدريب على مهارات الإدارة ومهارات مبنية على احتياجات سوق العمل بناء على متطلبات المشغلين.

 

بينما شدد د. رأفت الجلاد على ضرورة التركيز على المهارات التي يكتسبها الطلاب قبل دخول الجامعات، أي جانب العرض يبدأ تطويره خلال التعليم العام، لذلك يجب العمل على تطوير الآليات في التعليم والمدراس والمعلمين. وبين أن هنالك حاجة لتشكيل استراتيجية وطنية للتعليم المتكامل (التعليم المدرسي والتعليم العالي)، وأيضاً هنالك نوع من التشويه في سوق العمل بسبب أن المؤسسات تتطلب خريجين متكاملين دون الأخذ بعين الاعتبار دورها في تزويد الخريجين ببعض المهارات اللازمة لسوق العمل.

فيما أجمع الحضور على ضرورة التوجه نحو التعليم الهجين أي الربط بين جميع المهارات التي يحتاجها سوق العمل بالتعليم الأكاديمي لمواكبة قطار الحداثة، وكذلك تعويم التعليم أي عدم ربط عملية القبول في الجامعات بمعدلات الثانوية العامة، وإلى ضرورة أن يكون هنالك قوانين نافذة بخصوص عملية التعليم والتعلم والتوظيف، والاهتمام أكثر بالنساء وكيفية إشراكهم في القطاع المهني وكذلك الأمر بالنسبة لذوي الاحتياجات الخاصة، وإيلاء موضوع الريادة الاهتمام الواجب من قبل كافة القطاعات، وأن يكون هنالك تمويل حكومي لمؤسسات التعليم العالي، ويجب أن يكون هنالك تدخل حكومي لسد الثغرات في التنسيق بين مؤسسات التعليم العالي والتعليم العام والحكومة. بالإضافة إلى ضرورة دمج القطاع الخاص مع القطاع الحكومي مع قطاع التعليم لسد فجوة نقص المهارات. وأوضح الحضور أن المشكلة الرئيسية في عملية التخطيط لتطوير التعليم هي ما يتعلق بالثقافة الاجتماعية للأفراد، وترسخ فكرة الأفضلية لتخصصات معينة ومحدودة.

 

للاطلاع على الورقة الخلفية