ضريبة القيمة المضافة
ضريبة القيمة المضافة
(Value-Added Tax, VAT)
كانت فرنسا أول دولة في العالم تطبق ضريبة القيمة المضافة في العام 1954، على الرغم من أنّ فكرة هذه الضريبة والإطار النظري لها تم وضعه من قبل اقتصادي ألماني يدعى فون سيمنس في العام 1918. ولقد حازت ضريبة القيمة المضافة على قبول كبير وسريع نسبياً من قبل الحكومات المختلفة، وهي اليوم موضع التطبيق في أكثر من 130 دولة في أنحاء العالم (الولايات المتحدة ليست من بينها).
ضريبة القيمة المضافة هي نوع من أنواع "ضرائب المبيعات" (Sales Taxes)، ولكنّها تختلف عن ضرائب المبيعات التقليدية بأمرين: أنّها تفرض فقط على القيمة المضافة في السلع والخدمات، وأنّ تحصيلها يتم تدريجياً خلال مراحل الإنتاج وليس دفعة واحدة عند بيع السلعة أو الخدمة إلى المستهلك النهائي.
مزايا ضريبة القيمة المضافة
تعود جاذبية هذه الضريبة وانتشار تطبيقها في الدول الغنية والفقيرة على حد سواء، إلى مزاياها العملية مقارنة بأنواع الضرائب الأخرى. ومن أبرز هذه المزايا التالي:
- أنّها فعالة للغاية، مقارنة بالضرائب الأخرى، بالعلاقة مع نسبة تكاليفها إلى إجمالي الإيراد المتحقق منها. وهذه الفعالية هي السبب وراء إطلاق صفة "ماكينة نقود" على هذه الضريبة.
- أنّ الهيكل الإداري اللازم لتطبيقها بسيط نسبياً، وتطبيقها لا يحتاج إلى كم كبير من المعلومات المسبقة، وأنّ تغيير (رفع غالباً) معدّلها لا يقتضي تشريعات معقّدة أو تبديل في هيكلية وآلية التطبيق.
- احتوائها على آلية للرقابة الذاتية، إذ أنّ من مصلحة كل عميل في سلسلة الإنتاج والتسويق أن يلتزم الآخرون بأدائها، كما سنرى عند مراجعة طريقة حساب وتسديد الضريبة لاحقاً.
- أنّ تأثيرها المباشر متركز على الاستهلاك وليس على الادّخار والإنتاج، وهي لا تؤثر سلباً على التصدير لأنّ الصادرات معفاة منها، في حين أنّها تطبق على الواردات.
- أخيراً أنّها مرنة، إذ يمكن أن تطبقها بمعدّل موحد على القيمة المضافة لكافة السلع والخدمات في الاقتصاد (كما هو الحال في فلسطين والدنمارك على سبيل المثال) أو بمعدّلات مختلفة على السلع والنشاطات المختلفة (تفرض المانيا والسويد معدّلات ض. ق. م. متدنية على المواد الغذائية والصحف والكتب، كما أنّ الخضروات والفاكهة والشحن البحري والجوي وإيجارات المساكن معفاة من هذه الضريبة في إسرائيل).
في مقابل هذه المزايا تعاني ضريبة القيمة المضافة من مثلب كبير ومهم، أنّها ضريبة "تراجعية" (Regressive)، إذ يتحمل الفقراء عبئها أكثر من الأغنياء، نظراً لأنّ معدّلاتها واحدة على استهلاك الطرفين، ولأنّ الفقراء يخصصون نسبة أعلى من دخلهم للاستهلاك مقارنة بالأغنياء.
طريقة حساب وتسديد ضريبة القيمة المضافة
لنفترض أن قطعة المفروشات تمر بأربع مراحل في عملية الإنتاج والتسويق، وأن ضريبة القيمة المضافة موحدة وتبلغ 10%. يعبر السطر الأول في الجدول 1 عن مرحلة نشر وتشذيب الخشب في الغابة ويفترض أن القيمة المضافة للمواد الأولية والعمل في هذه المرحلة تبلغ 50 يورو. صاحب الغابة سوف يبيع الخشب الى مصنع المفروشات بمبلغ 55 (50 هي قيمة القيمة المضافة في الخشب المشذب و5 هي ضريبة ال 10% على القيمة المضافة)، ويقوم بالاحتفاظ بمبلغ القيمة المضافة وتحويل 5 يورو الى مصلحة الضرائب. لنفترض أن مصنع المفروشات أضاف قيمة على الأخشاب تعادل 70 يورو، وهو ما يعني أن إجمالي القيمة المضافة على قطعة المفروشات باتت 120 الآن، وهو ما يعادل سعرها قبل الضريبة. سعر البيع بعد الضريبة يبلغ اذن 132 (بعد اضافة 12 يورو أو 10% من القيمة المضافة الكلية). حالما يبيع مصنع المفروشات قطعة الأثاث الى تاجر الجملة، فانه يحتفظ بمبلغ 5 يورو منها (يسترد الضريبة التي دفعها الى مالك الغابة) ويحول المتبقي من مبلغ الضريبة (7 يورو) إلى مصلحة الضرائب. وتستمر العملية على هذا المنوال في كل مرحلة من مراحل الإنتاج والتسويق مهما تعددت المراحل. لاحظ أولاً، أنّ القيمة المضافة في كل مرحلة تعادل الفرق بين ما يحصل عليه المصنع أو التاجر عند بيع السلعة وبين ما يدفعه عند شرائها (صافي من الضرائب في الحالتين). لا حظ ثانياً أنّ إجمالي المبلغ الذي يتم تحويله إلى مصلحة الضرائب في المراحل المختلفة يعادل 20، وهو يطابق نسبة 10% من إجمالي القيمة المضافة النهائية في قطعة المفروشات. واضح من الجدول أيضا أن كامل قيمة الضريبة يتم تسديدها من المستهلك النهائي للسلعة أو الخدمة.
الضريبة المدفوعة الى مصلحة الضرائب |
سعر البيع (مع الضريبة) |
ضريبة القيمة المضافة الكلية = 10% من القيمة المضافة الكلية |
سعر البيع قبل الضريبة = القيمة المضافة الكلية |
القيمة المضافة في مرحلة الإنتاج = قيمة العمل والمواد المضافة |
سعر الشراء (بدون الضريبة) |
سعر الشراء (مع الضريبة) |
|
5 |
55 |
5 |
50 |
50 |
0 |
0 |
مالك الغابة (أخشاب) |
12 - 5 = 7 |
132 |
12 |
120 |
70 |
50 |
55 |
مصنع المفروشات |
15- 12 = 3 |
165 |
15 |
150 |
30 |
120 |
132 |
تاجر الجملة |
20- 15 = 5 |
220 |
20 |
200 |
50 |
150 |
165 |
تاجر المفرق |
20 |
|
|
|
|
|
220 |
المجموع (المستهلك) |
من الجدير الآن اضافة ملاحظتين: أولاً، في حال كانت قيمة ض. ق. م. التي دفعها التاجر عند شراء المدخلات أكبر من الضريبة التي حصل عليها عند بيع البضاعة (أي إذا حدث وكانت القيمة المضافة سالبة، أو قام التاجر بالبيع بخسارة، أو لم يتمكن من بيع البضاعة)، يحق للتاجر استرجاع الفارق بين الضريبة التي دفعها عند الشراء والتي حصل عليها عند البيع. ويطلق على المبالغ هذه التي يتوجب على مصلحة الضرائب إعادتها إلى المكلفين اسم "إرجاعات ضريبية". ثانياً، أنّ ضريبة القيمة المضافة على الواردات يتم فرضها واستقطاعها كاملة مرة واحدة، وليس بالتدريج كما هو الحال بالنسبة للإنتاج المحلي.
إيرادات ضرائب القيمة المضافة
يلخص الجدول 2 بعض المعلومات الأساسية عن ض. ق. م. في دول مختارة. ويلاحظ من الجدول أنّ حصّة إيرادات ض. ق. م. من إجمالي الإيرادات الضريبة مرتفعة في معظم الدول، الغنية منها والفقيرة. على سبيل المثال، يبلغ إجمالي الإيراد الضريبي في الأردن 16.5% من الناتج المحلي الإجمالي وأكثر من 60% من هذه الضرائب جاءت من ضريبة القيمة المضافة. والأمر مشابه أيضاً في دولة مثل نيوزيلندا.
فعالية C (النسبة من الاستهلاك التي تخضع للضريبة) |
ايراد ض. ق. م. (% من ن. م. ا.) |
ايراد كافة الضرائب (% من ن. م. ا.) |
حد الاعفاء (دولار) |
معدّل ض. ق. م. (%) |
الاستهلاك (% من ن. م. ا.) |
|
0.02 0.50 0.55 01.0 |
0.1 7.8 3.7 3.9 |
7.3 30.8 11.9 25.6 |
8,192 65,966 26,951 |
5 25 10 5 |
82.8 62.8 67.6 76.8 |
نيجيريا النرويج اندونيسيا كندا |
0.35 0.45 0.61 |
3.5 4.6 10.4 |
31.8 14.0 16.5 |
1,420 33,167 14,104 |
17 10 16 |
59.1 103.2 106.2 |
الجزائر لبنان الأردن |
0.77 0.69 0.86 |
2.5 2.8 9.7 |
13.9
28.3 |
652,204 84,094 28,478 |
7 5 15 |
46.8 81.3 75.5 |
سنغافورة اليابان نيوزيلندا |
0.58 |
4.9 |
20.0 |
|
11.5 |
76.2 |
متوسط |
وبشكل عام يعتمد الإيراد الذي يمكن أن يتحقق من ضريبة القيمة المضافة على أربعة عوامل:
- معدّل ضريبة القيمة المضافة، ويتباين هذا بشكل كبير بين الدول، ويتراوح بين 5% و25% بين الدول المذكورة في الجدول 2.
- القاعدة الضريبية لضريبة القيمة المضافة، أيّ حصّة الاستهلاك من الناتج المحلي الإجمالي، والتي تتراوح بين 47% في سنغافورة و106% في الأردن.
- معامل(C)، أي النسبة الفعلية من الاستهلاك التي تخضع للضريبة، سواء بسبب الإعفاءات أو التهرب. لاحظ مدى تدني هذه النسبة في نيجيريا وارتفاعها في كندا.
- الحد الأقصى للإعفاء: تقوم الدول بإعفاء الأعمال التي يقل رأس المال الدائر فيها عن حد معين من مسك حسابات لضريبة القيمة المضافة، ويختلف هذا السقف بشكل كبير بين الدول كما يوضح الجدول 2. وتبلغ قيمة هذا السقف نحو 10,000 يورو في السنة في معظم دول أوربا.
ضريبة القيمة المضافة في فلسطين
أعطى بروتوكول باريس، وهو الإطار الاقتصادي لاتفاقيات أوسلو بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، صلاحية تحديد معدّل ضريبة القيمة المضافة إلى السلطة الفلسطينية، على أنّ لا يقل هذا المعدّل عن نقطتين مئويتين عن مستواه في إسرائيل، وأن يكون معدّل الضريبة موحداً على مختلف السلع والخدمات. حافظت السلطة الفلسطينية على معدّل لهذه الضريبة أدنى بنقطتين مئويتين عن مستواها في إسرائيل منذ تأسيسها وحتّى مطلع تشرين أول 2015. إذ قامت إسرائيل عندها بتخفيض معدّل الضريبة من 18% إلى 17% في حين حافظت الحكومة الفلسطينية على معدّل 16% دون تغيير. بلغ صافي إيراد ضريبة القيمة المضافة في فلسطين 3,493 مليون شيكل في العام 2016. ولقد تمّ جباية نحو ربع هذا المبلغ بشكل مباشر، في حين جاءت الأرباع الثلاثة المتبقية من إيرادات المقاصة (جباية إسرائيل لصالح الحكومة الفلسطينية). يلخّص الجدول 3 إيراد الضريبة ونسبته إلى عدد من المتغيرات الأساسية. ومن الملفت للنظر أنّ حصّة إيراد ض. ق. م. إلى إجمالي الإيرادات الضريبية بلغ 30% في العام 2016 مقارنة مع 34% قبل عقد من الزمن. ويعود هذا إلى التحسن الذي طرأ في فرض وجباية ضرائب الدخل من جهة، وإلى انخفاض إيرادات ضريبة القيمة المضافة عقب الانفصال الإداري الذي حدث بين الضفة الغربية وقطاع غزة في حزيران 2007 (نسبة إيراد ضريبة ق. م. إلى ن. م. إ. = 7% في 2009).
3,493 925 2,686 - 118 |
صافي إيرادات ضريبة القيمة المضافة (أساس التزام) تحصيل مباشر تحصيل غير مباشر (مقاصة) إرجاعات ضريبية* |
26% 30% 21% 7% |
- نسبة إيرادات ض. ق. م. إلى صافي الإيرادات العامة - نسبة إيرادات ض. ق. م. إلى إجمالي الإيرادات الضريبية - نسبة إيرادات ض. ق. م. إلى إجمالي النفقات الجارية - نسبة إيرادات ض. ق. م. إلى الناتج المحلي الإجمالي الجاري |
* الإرجاعات الضريبية هنا تشتمل على إرجاعات ضريبة القيمة المضافة وضريبة الشراء
(نشرت في المراقب الإقتصادي، العدد 51، سنة 2018).