السندات مقابل الأسهم

السندات مقابل الأسهم

Bonds vs. Stocks

 

السند هو وثيقة دين، في حين السهم هو وثيقة ملكية لحصة معينة (لسهم معين) في شركة ما. وكلاً منهما يولد أرباحاً أو خسائر (أرباحاً ضائعة في حالة السند)، ولكن السند يترافق مع مخاطر أقل وتذبذب أدنى في السعر من السهم. ونظراً لأنّ الأسهم تترافق مع مخاطرة أعلى، فإنّ الاستثمار فيها غالباً ما يعطي أرباحاً أعلى من الاستثمار في السندات على المدى الطويل. وتشير الإحصاءات إلى أنّ الأسهم حققت منذ العام 1928 عائداً سنوياً بلغ 10% بالمتوسط في السوق الأمريكية، في حين لم يتجاوز العائد السنوي على السندات 5-6%.

السند هو وثيقة دين بمبلغ محدد وبمعدل فائدة ثابت يطلق عليه اسم "معدل الكوبون"، وتاريخ استحقاق محدد أيضاً. على سبيل المثال، تقوم شركة ما (أو حكومة ما) بالاقتراض من العامة عبر إصدار سندات بقيمة أسمية تعادل 100 دينار، ومعدل كوبون سنوي يعادل 5%، وتاريخ استحقاق التسديد بعد 10 سنوات. هذا يعني أنّ الشركة ستحصل على 100 دينار الآن من كل شخص يشتري أحد سنداتها. وستقوم الشركة بدفع 5 دنانير لحامل كل سند في نهاية كل سنة من السنوات العشرة، كما تتعهد بأن تسدد لكل حامل سند 100 دينار بعد عشرة سنوات. أي أنّ حامل السند سوف يحصل بالإجمالي على 150 دينار.

السندات وسعر الفائدة

لنفترض أنّ أحد حاملي السندات سابقة الذكر قرر أن يبيعه في السنة الخامسة، أي خمسة أعوام قبل تاريخ الاستحقاق. ولنفترض أيضاً أنّ سعر الفائدة في السوق ارتفع خلال السنوات الخمس الماضية من 5% إلى 6%. واضح أنّ المشتري الجديد يريد الآن أنّ يحصل على فائدة تعادل 6% ولن يكتفي بفائدة الكوبون الثابتة في السند (5%). لذلك سيكون على استعداد لشراء السند ولكن بسعر أقل من سعره الإسمي (من 100 دينار) حتى يضمن أنّ يحصل معدل ربح يعادل 6%. ويمكن تقدير السعر التوازني الجديد للسند بدقة، وهو يبلغ 95.73 دينار. وهذا المبلغ يعادل القيمة الحالية للدنانير الخمسة التي سوف يتلقاها المشتري في كل سنة من السنوات المتبقية من حياة السند، مضافاً إليه القيمة الحالية للسعر الاسمي للسند (100 دينار) الذي سوف يحصل عليه في تاريخ استحقاق السند.

يقودنا هذا المثال إلى نتيجتين. أولاً، أن هناك علاقة عكسية بين سعر السند ذو الكوبون الثابت وسعر الفائدة: حالما يطرأ ارتفاع على سعر الفائدة في السوق فإن المشتري الجديد للسند سوف يدفع سعر أقل من السعر الاسمي للسند، حتى يضمن تحقيق ربح أعلى من ربح الكوبون الثابت، ويعادل سعر الفائدة الجديد. والعكس بالعكس أيضاً، إذا طرأ انخفاض على سعر الفائدة في السوق، فإن حامل السند سوف يطلب من المشتري الجديد سعراً أعلى من السعر الإسمي للسند. ثانياً، إنّ الأرباح التي تتحقق من شراء السندات هي من نوعين، أرباح مؤكدة نسبياً تتمثل في المدفوعات الدورية الثابتة (الكوبون)، وأرباح (أو خسائر) محتملة تتمثل في سعر السند عند استحقاقه أو عند بيعه في حال انخفاض (أو ارتفاع) سعر الفائدة في السوق.

السندات والمخاطرة

يتأثر سعر السندات في السوق أيضاً بدرجة وبتحولات المخاطرة المرتبطة بقدرة المدين (أي الطرف الذي أصدر السندات) على تسديد دفعات الكوبون الدورية و/أو إطفاء (تسديد) قيمة السند عندما يحين موعد السداد. ولهذا السبب فإن السندات لها أسعار مختلفة (معدلات ربح متباينة) على ضوء درجة الثقة بالمدين: سندات الحكومة لها غالباً أسعار فائدة أدنى من الخاصة على ضوء افتراض أنّ الحكومات نادراً ما تفلس. يعرض الشكل 1، تحولات العائد على سندات الحكومة اليونانية خلال الفترة (2005-2019). ويتضح من الشكل أنّ السوق كان يطلب عائداً وصل إلى أكثر من 25% إبان الأزمة المالية الحادة التي أصابت اليونان وكادت أن تصل بها إلى حد الإفلاس. وهذا الارتفاع الحاد في العائد على سندات الخزينة (10سنوات) انعكس طبعاً في الانخفاض الحاد لسعر هذه السندات في السوق، الى 30.50 يورو في كانون ثاني 2012. لاحظ كيف أن العائد انخفض إلى مستويات متدنية نسبياً (وسعر السندات ارتفع الى 100.6 يورو في آذار 2019) عند تحسن الأداء الاقتصادي لليونان.

الشكل 1: تطور العائد على السندات الحكومية لليونان (إطفاء بعد 10 سنوات)

يجدر التنويه ايضاً أنّ المخاطرة ترتبط كذلك بنوع العملة التي يتم إصدار السندات بها. اذ كلما كانت العملة عرضه لانخفاض قيمتها (بالنسبة للعملات الأخرى) وعرضه للتضخم المرتفع، كلما طلب السوق معدلات فائدة أعلى على السندات التي تصدر بها. ولهذا السبب فإنّ السندات الصادرة بالدولار الأمريكي أو اليورو لها أسعار أعلى من السندات بالعملات الأخرى.

الأسهم

تبيع الشركات أسهماً للحصول على رأس المال الضروري لمباشرة الأعمال أو التوسع فيها. ويطلق على الإصدار الأول لأسهم شركة ما في البورصة اسم "الاكتتاب العام الأولي" (IPO)، وهو ما يعني بيع حصص معينة من الشركة إلى المستثمرين. ويجري تبادل الأسهم في البورصات المحلية أو في عدد من البورصات في انحاء العالم. ويتحدد سعر بيع وشراء الأسهم على ضوء العرض والطلب، والذي يتحدد بدوره على أساس تحسن أداء الشركة وقدرتها على تحقيق أرباح حالية وعلى توقعات أدائها المستقبلية. والربح (أو الخسارة) من الاستثمار في الأسهم يعتمد على الأرباح السنوية التي توزعها الشركات على حملة أسهمها، وعلى التطور (أو التراجع) في سعر الأسهم بالبورصة. ولكن الأسهم، على العكس من السندات، لا تحمل تعهداً بتقديم أرباح سنوية مضمونه (الكوبون)، كما أن سوق الأسهم يترافق غالباً مع درجة عدم تأكد عالية وذبذبات حادة يصعب بعض الأحيان تفسير مبرراتها. وهو ما يعني إمكانية خسارة قيمة الاستثمار عندما تتدهور أسعار الأسهم إلى مستويات متدنية للغاية، كما حصل مثلاً إبان الأزمة المالية العالمية في ثلاثينيات القرن الماضي وفي نهاية العقد الأول من القرن الحالي.

(نشرت في المراقب الإقتصادي، العدد 57، سنة 2017).